شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الدليل الثاني: السنة]

صفحة 104 - الجزء 1

  وإن تسلسل. وإما (بأن يحكم بشهادته) أو روايته - أي: بسببها - في شيء (حاكمٌ) عدل، سواء كان مُحكَّماً من جهة الإمام أو المحتسب أو الصلاحية أو الخصمين، إذا كان (يشترط العدالة) المحققة في الشاهد أو الراوي، حيث لا يحتمل أن يكون الحكم بسبب غيرها: من علم الحاكم، أو كون الشهود ثلاثة.

  (و) إما (بعمل العالم) العدل الذي لا يقبل المجهول (بروايته) أي: بسببها كذلك⁣(⁣١).

  (قيل): وإما (برواية العدل عنه) مطلقاً. وقيل: ليس بتعديل مطلقاً. والصحيح: أنه إن كان لا يروي إلا عن عدل قُبِل، وإلا فلا.

  وهي مرتبة في القوة كما ذكر؛ أما التصريح بها فلأنه أقوى من فهْمِها بالالتزام، وأما الحكم فلأن الحاكم لا يحكم إلا مع قوة ظنه بالعدالة، وأما العمل المذكور فكونه أقوى من الرواية ظاهرٌ. فهذه طرق التعديل.

  وأما طرق الجرح: فأعلاها التصريح به مع ذكر السبب، ثم التصريح من دونه. وليس منها تركُ الحاكم الحكم بشهادته، ولا تركُ العالم العمل بروايته؛ لجواز معارض⁣(⁣٢) فلم يرجح أيهما، ولا الشهادةُ في الزنا مع انخرام نصابها، مع جهل المنع⁣(⁣٣)، ولا فقدُ شرط غير العدالة كعدم ضبط أو غلبة نسيان، ولا التدليسُ من الراوي إن لم يتضمن غشًّا⁣(⁣٤).

  ويلحق بذلك⁣(⁣٥) ما إذا روى أحد عن شيخ حديثاً وأنكره الشيخ وقال: لم أرو له هذا الحديث. فالاتفاق على أنه لا يعمل به؛ لأن أحدهما كاذب قطعاً من غير تعيين، ولا يقدح في عدالتهما؛ لأنا لم نعلم كذب أحدهما معيناً، والمفروض أنها


(١) أي: لا يكون له مستند في العمل إلا تلك الرواية من ذلك الراوي.

(٢) كرواية أو شهادة أخرى، أو فقد شرط غير العدالة كالشحناء ونحوها.

(٣) بأن يكون جاهلاً لتحريم أداء الشهادة حيث لم يعلم كمال نصاب الشهادة.

(٤) التدليس: إما بتسمية المروي عنه بغير المشهور من اسم أو كنية أو لقب، وإما بإسقاط لبعض رجال السند، فالذي يجرح به الراوي ما تضمن غشا، وهو حيث سمى شيخه بغير المشهور، أو أسقط لضعف في المُسَمَّى بغير اسمه المشهور وفي الْمُسْقَط من السند، وغرض المدلس بذلك قبول حديثه.

(٥) أي: بما لا يقدح في العدالة.