[مقدمة المؤلف]
  والإجماعِ، فإنه لا خلاف بين المسلمين في شرعية البداية باسم الله تعالى. والأنسب تقدير متعلق الظرف من جنس ما جعلت التسمية مبدأً له من القراءة والتأليف؛ لدلالته على تلبس كل(١) المشروع فيه ابتدائه وانتهائه بالتسمية؛ ولذا قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١}[العلق]، وقال ÷: «باسمك ربي وضعت جنبي، وباسمك ربي أرفعه»، وقال ÷: «باسمك أحيا، وباسمك أموت».
  (الحمد لله) الحمد: هو الوصف بالجميل على الجميل الاختياري، فـ «الوصف» إشارة إلى المحمود به، وهو ما وقع به الحمد، وبه تخرج سائر شعب الشكر من فعل الجنان والأركان، وبـ «الجميل» يخرج الاستهزاء، و «على الجميل» إشارة إلى المحمودِ عليه الباعثِ على الحمد، والجميل أعم مما في نفس الأمر أو في نظر الحامد أو المحمود؛ فلا نقض بمدح السلاطين بما هو ظلم في الحقيقة.
  والمراد من الاختياري: هو الصادر بالاختيار. وما وقع على غير الاختياري كحمد الله على صفاته الذاتية - فلتنزيله منزلة الاختياري: إما لاستقلال الذات فيه، أي: لَمَّا كان ذاته تعالى كافيا فيها كانت بمنزلة الاختيارية التي يستقل بها فاعلها، فأطلق الاختياري على ما يعمها تغليبا، أو باعتبار كونها(٢) مبادئ أفعال(٣) اختيارية(٤).
  والجلالة: اسم للذات الواجب الوجود المستجمع لصفات الكمال(٥)؛ ولذا لم
(١) كلمة «كل» مخدوشة في نسخة المؤلف |، وموجودة في نسخ أخرى.
(٢) أي: الصفات الذاتية. كاشف أمين.
(٣) فالحمد عليها باعتبار تلك الأفعال. شيخ لطف الله الغياث.
(٤) يحمد على الصفات الذاتية باعتبارها مبادئ للأفعال الاختيارية، أي: لأن الصفات الذاتية سبب في الأفعال الاختيارية.
(٥) لكنه عند النحاة علم، والعلم مختصر الصفات؛ بمعنى أنك إذا ذكرته فكأنك ذكرت جميع صفاته المختصة به، وعند أهل البيت $، وبعض المحققين: اسم بإزاء مدح كذلك، غير علم، وهو الحق، ووجهه: أن العلم موضوع لتمييز ذات عن جنسها، والله تعالى لا جنس له؛ ولأنه موضوع للغائب ليفيد تمييزه عن مشاركه وتشخيصه في نفسه، وهو كالإشارة الحسية إلى الحاضر، فإذا كان الشيء =