شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

فصل: [الدليل الرابع القياس]

صفحة 190 - الجزء 1

  ولو قال بدل هذه الشروط الثلاثة: «وأن يكون لها تأثير» لأغنى عنها أجمع، أما إغناؤه عن الثاني والرابع فظاهر، وأما إغناؤه عن الثالث فلأن من حق التعليل أن يكون بما له أثر في الظن، واختلاف العلة والحكم يباعد الظن بكون المغلظ علة للحكم المخفف أو العكس⁣(⁣١).

  (و) الشرط الخامس: (أن تطرد) أي: كلما وجدت وجد الحكم، فلا يتخلف عنها إلا لخلل شرط⁣(⁣٢) أو حصول مانع⁣(⁣٣) (على الصحيح) المختار عند المصنف، وهو مذهب القاضي، وأبي الحسين، وبعض الشافعية، وجمهور الحنفية، وقواه المهدي #، منصوصة كانت أو مستنبطة، فلا تثبت في محل مع تخلف حكمها، وهو المعبر عنه بنقضِ العلة وفسادِها وتخصيصِها.

  (و) من شروطها (أن تنعكس) ومعنى انعكاسها: انعدام الحكم عند انعدامها، وإلا لم يصح التعليل بها (على رأي) ثابت لبعض العلماء، وهو المانع من جواز تعليل الحكم بعلتين مختلفتين كل منهما مستقل باقتضاء الحكم، فصاعداً.

  وعند أئمتنا $ والجمهور أنه يصح⁣(⁣٤)؛ لوقوعه كما سيأتي إن شاء الله تعالى،


(١) ويغني أيضاً عن قول صاحب الفصول: الثالث: كونها بعض أوصاف الأصل لا كلها، السادس: تعدي المقيس عليها؛ فلا تكون المحل ولا جزءاً منه؛ إذ لا تأثير لذلك. لا يقال: إنما ذكر من كل من الشروط على حدة إشارة إلى الخلافات الواقعة فيها، وهي أربعة: إطلاقان وتفصيلان؛ لأنا نقول: وبتلك العبارة تحصل الإشارة. لا يقال أيضاً إن قولكم: «وأن يكون لها تأثير» يستلزم أن يوجد علة مركبة من أوصاف لا تأثير لكل منها منفرداً، والتأثير إنما هو للمجموع من حيث هو مجموع، مع أنه لا بد وأن يكون لكل جزء تأثير؛ لأنا نقول: إنه لا يمتنع أن تكون الهيئة الاجتماعية من متعدد الأوصاف مما يظن عليته بالدليل، وإن لم يكن لكل من تلك الأوصاف تأثير متحداً، على أنا لا نعلم قائلاً بمنع ذلك ممن يقول بجواز المركبة، والله سبحانه أعلم.

(٢) كما إذا كان القتل خطأ.

(٣) كما إذا كان القاتل أصلاً.

(٤) أي: ثبوت الحكم مع انتفاء الوصف والوقوع دليل الجواز؛ إذ لو لم يجز لم يقع، وبيان وقوعه أن البول والمذي والغائط علة للحدث الأصغر وهي مختلفة الحقائق ويستقل كل واحد منها باقتضاء الحكم، فإذا تخلف أحد هذه الأوصاف لم يتخلف الوصف لوجود وصف آخر.