فصل: [الدليل الرابع القياس]
  والمرجع في [تعيين ما له تأثير من الأوصاف](١) إلى غالب الظن بأنها تثمر ذلك الحكم في الجملة، فيندرجُ تحت هذا الشرط اشتراطُ أن لا تكون جملة أوصاف الأصل؛ إذ يؤدي إلى أن لا تتعدى العلة؛ لعدم وجود جملة أوصاف الأصل في الفرع.
  بيان ذلك: أن مِنْ أوصاف الأصل في الخمر - مثلاً - كونها معتصرة من العنب، وهذا الوصف لا يوجد في المسكر من غيره، وأيضاً فإن من أوصافها كونها جسماً مائعاً وأحمر، فمثل ذلك لا يظن أن الحكم منوط به.
  (و) الشرط الثالث: (ألا تخالفه) أي: الحكم (في التغليظ والتخفيف)؛ لعدم الملاءمة حينئذ، إذ التغليظ إنما يقتضي تغليظاً، وبالعكس في التخفيف، فيرتفع ظن علية أحدهما في الآخر، مثاله في التيمم: مسحٌ يراد به الصلاة فيسن فيه التكرار كالوضوء(٢)، فيعترض: بأن العلة - وهي كونه مسحاً - تخفيف، والحكم الموجَب عنها - وهو التكرار - تغليظ؛ فلا ملاءمة بين العلة وحكمها؛ فلا تكون باعثة ولا أمارة(٣) له.
  (و) الشرط الرابع: (ألا تكون) أي: العلة (مجرد الاسم)، كما لو علل تحريم الخمر بكونها تسمى خمراً؛ (إذ) مجرد الاسم (لا تأثير له) في الحكم الذي هو التحريم؛ لتوقفه على المواضعة، والمصلحة والمفسدة لا يتبعانها، فهي طردية(٤). ولا حاجة إلى هذا الاشتراط مع اشتراط أن لا يكون في أوصافها ما لا تأثير له، فإنه إذا قد أُلْغِيَ غيرُ المؤثر مع ما له تأثير فبالأولى إلغاؤه منفرداً عنه، والله سبحانه أعلم.
(١) «تفسير تأثيرها». صح نخ.
(٢) «كمسح الرأس في الوضوء». صح نخ.
(٣) الفرق بين الباعثة والأمارة: أن الباعثة وصف ضابط لحكمة مقصودة من شرع أو عقل، والأمارة لا تكون كذلك، بل معرفة للحكم.
(٤) «فهي» أي: المواضعة، «طردية» أي: غير معتبرة.