فصل: [الدليل الرابع القياس]
  ومن العلماء من يقبل توبة الفريق الأول أيضاً، ويحيل ما في قلبه إلى من يعلم سريرته، وهو قول الأكثر، والأولى؛ لنحو: «هل شققت عن(١) سويداء قلبه»، وقوله ÷: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإذا قالوا بذلك حقنوا عني دماءهم وأموالهم»، والمثال إنما يراد للتفهيم لا للتحقيق كما سبق.
  (وكقولنا: يحرم على العاجز عن الوطء) العارف من نفسه ذلك [وعدم القدرة عليه - نخ -] أن يتزوج من النساء (من تعصي لتركه)؛ إذ في ذلك تعريض لها إلى فعل القبيح، والشرع ملتفت إلى المنع من تعريض الغير لفعل القبيح، ألا تراه يمنع الخلوة بغير المحرم للاحتراز عن المعصية، ولا أصل له معين يشهد له بالاعتبار، بل مرجعه إلى مصلحة جملية اعتبرها الشرع، وهي منعه من تعريض الغير لفعل القبيح.
  (وأشباه ذلك) من الأمثلة، كأمثلة ملائم المعتبر، فإنه يمكن أن تجعل في نفسها أمثلة لملائم المرسل، بأن يفرض أنها لم تثبت الولاية في النكاح(٢) مع الصغر، ولا رخصة الجمع مع نفس حرج المطر، ولا القصاص في النفس مع القتل العمد العدوان أصلاً، وإنما اعتبر الشارع عين الصغر في مطلق الولاية، ومطلق الحرج في عين الرخصة، ومطلق الجناية في مطلق القصاص.
  وكتقديم(٣) المصلحة العامة كالجهاد على الخاصة كالقود(٤)، وتناول سد
(١) «على». نخ.
(٢) إذ لو ثبتت ولاية النكاح مع الصغر لم يكن من المناسب المرسل لثبوت عليّة الصغر حينئذ بترتب الحكم على وفقه لوجودهما في محل واحد وقد عرف أن المرسل هو ما لم يثبت اعتبار عينه ولا جنسه في عين الحكم ولا جنسه ولا بترتب الحكم على وفقه.
(٣) ومما قيل إنه منه: تكبير الإمام إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب $ على بعض جنده أربعاً اجتهاداً للتأليف، واجتهاده الأول أنها خمس، فقيل له: خالفت مذهب أسلافك، فقال: رأيت الإخلال بتكبيرة ولا نقض هذا الجمع، وفيه [قيل. نخ]: أنه يحتمل أنه # كبرها سراً، وقوله: رأيت الإخلال بها ... إلخ يحتمل أيضاً أن المراد بالجهر بها، والله أعلم.
(٤) أي: يترك للجهاد.