شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

فصل: [الدليل الرابع القياس]

صفحة 226 - الجزء 1

  وهذه الأجوبة لا تجب كلها، بل يؤتى منها بما أمكن، فإن تعذرت أجمع فالدائرة على المستدل.

  (مثاله: أن يقول في ذبح تارك التسمية عمداً: ذبحٌ من أهله(⁣١) في محله(⁣٢) كذبح ناسي التسمية. فيقول المعترض: هذا فاسد الاعتبار؛ لمخالفته قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}⁣[الأنعام ١٢١]، فيقول المستدل: هذا مؤول بذبح عبدة الأوثان؛ بدليل قوله ÷: «ذكر الله على قلب المؤمن سمى أو لم يسمِّ»). رواه ابن عدي والدارقطني من طريق مروان بن سالم الجزري، وقد رُمي بالوضع.

  (ونحو ذلك) كأن يقول: هذا القياس راجح على ما ذكرت من النص؛ لأنه قياس على الناسي المخصص عن هذا النص بالإجماع⁣(⁣٣)؛ لما ذكرنا من العلة⁣(⁣٤)، وهي موجودة في الفرع قطعاً.

  وفَرْقُ⁣(⁣٥) السائل⁣(⁣٦) بأن العامد مقصر والناسي معذور يُخْرِجُهُ عن فساد الاعتبار إلى المعارضة؛ لما سيأتي إن شاء الله تعالى من أن الفرق إبداء خصوصية: إما في الأصل هي شرط فيكون معارضةً فيه، أو في الفرع هي مانع فيكون معارضة فيه، فيوقعه في فسادين: الانتقال⁣(⁣٧)، والاعتراف بصحة اعتباره؛ لأن المعارضة بعد ذلك.


(١) وهو المسلم.

(٢) وهو ما يحل أكله وفي الأوداج. فيوجب الحل.

(٣) لعله أراد بالإجماع اتفاق الخصمين، للخلاف فيه.

(٤) وهي: ذبح من أهله في محله.

(٥) يعني أن المستدل إذا رجح قياسه بكونه قياساً على الناسي المخرج عن هذا النص بالإجماع فهل للسائل أن يبدي بين التارك عمداً والناسي فرقاً؟ فذكر المؤلف أن السائل ليس له ذلك؛ لأن ذلك يخرجه ... إلخ.

(٦) بين الأصل والفرع بوجود عذر في الأصل هو النسيان دون الفرع.

(٧) قوله: الانتقال، أي: من فساد الاعتبار إلى المعارضة. وقوله: والاعتراف، أي: الاعتراف بصحة قياس المستدل.