شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الثامن: عدم التأثير]

صفحة 236 - الجزء 1

  مسألة الطير؛ إذ العجز عن التسليم كاف في نفيها؛ ضرورةَ استواءِ المرئي وغيره في نفيها⁣(⁣١).

  وإما أن يظهر في الوصف المعلل به عدم التأثير لقيد من قيوده في الحكم، ويسمى: عدم التأثير في الحكم، وهو المشار إليه بقوله: (ومن أمثلته) ولم يقل: «مثاله» إشارة إلى تعدد أقسامه، كما فعل في الاستفسار وغيره (قول الحنفية في المرتدين إذا أتلفوا أموالنا: مشركون أتلفوا أموالاً في دار الحرب فلا ضمان عليهم كسائر المشركين، فيقول المعترض: دار الحرب لا تأثير لها في عدم الضمان عندكم) لاستواء الإتلاف في دار الحرب ودار الإسلام في عدم وجوب الضمان.

  وإما أن يظهر عدم تأثير الوصف المذكور في الفرع؛ بأن لا يطرد في جميع صور النزاع وإن كان مناسباً، ويسمى: عدم التأثير في الفرع، نحو: زوجت المرأة نفسها من غير كفؤ بغير إذن وليها فلا يصح، كلو زوجها وليها من غير كفؤ؛ فإن كونه غير كفؤ لا تأثير له في عدم صحة تزويج المرأة نفسها وإن ناسبه؛ إذ النزاع في تزويجها نفسها من كفؤ ومن غيره واقع، والحكم فيهما واحد.

  وإنما قُيِّد كل واحد من أقسام عدم التأثير الأربعة بما سمي به تمييزاً لبعضها عن بعض، وتسهيلاً للتعبير عنها باختصار.

  ومرجع الأول إلى المطالبة بكون عدم القصر علة، والثالث إلى المطالبة بعلية كونه في دار الحرب. ومرجع الثاني والرابع إلى المعارضة في الأصل، فإن كونه غير مرئي عورض بإبداء علة أخرى، وهي العجز عن التسليم. وتزويج المرأة نفسها من غير كفؤ عورض بتزويجها نفسها مطلقاً، والمطلق غير المقيد؛ فجواب كل من أقسامه جواب ما رجع إليه⁣(⁣٢).


(١) أي: نفي الصحة عند العجز عن التسليم.

(٢) فجواب الأول والثالث جواب منع العلية، وجواب الأخيرين جواب المعارضة في الأصل.