شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الثالث والعشرون: القول بالموجب]

صفحة 256 - الجزء 1

  ومن أمثلته: أن يقول الشافعي في القتل بالمثقل: قتل بما يقتل غالباً فلا ينافي القصاص كالقتل بالخارق، فيرد القول بالموجب، فيقول المعترض: سلمنا عدم المنافاة بين القتل بالمثقل وبين القصاص، ولكنه ليس محل النزاع(⁣١) ؛ لأن محل النزاع هو وجوب القصاص، لا عدم المنافاة للقصاص(⁣٢) ، ونحو ذلك) الوجهِ الأول، وهو⁣(⁣٣) وجهان:

  الأول منهما - وهو ثاني الثلاثة -: أن يستنتج من الدليل إبطال أمر يتوهم أنه مأخذ⁣(⁣٤) الخصم ومبنى مذهبه في المسألة، والخصم يمنعه، فلا يلزم من إبطاله إبطال مذهبه، كأن يقول في المثال: التفاوت في الوسيلة⁣(⁣٥) لا يمنع القصاص كالمتوسل إليه، وهو أنواع الجراحات القاتلة. فيسلِّمه الحنفي ويقول: من أين يلزم من عدم مانعٍ ارتفاعُ جميع الموانع ووجود⁣(⁣٦) الشرائط والمقتضي؟ وهذا غايته عدم مانعٍ خاص، ولا يستلزم انتفاء بقية الموانع ولا وجود الشرائط والمقتضي؛ فلا يلزم ثبوت الحكم.

  والمختار بعد قول السائل: ليس هذا⁣(⁣٧) مأخذي - تصديقُه؛ لأنه أعرف بمذهبه ومذهب إمامه.

  والثاني من الوجهين - وهو ثالث الثلاثة -: أن يسكت المستدل عن [مقدمة] صغرى غير مشهورة، كقولنا: يشترط في الوضوء النية؛ لأن ما ثبت قربة فشرطه


(١) ولا مستلزما له.

(٢) وعدم منافاته لا يستلزمه. شرح غاية. إذ لا يلزم من عدم منافاته للوجوب أن يجب. سيلان.

(٣) أي: نحو الوجه الأول.

(٤) أي: ما يتوهم المستدل أنه المأخذ للحكم وهو كون التفاوت مانعاً؛ إذ يصح القول بأن التفاوت لا يمنع القصاص ومع ذلك لا يلزم المدعى ولا يثبت؛ إذ لا يلزم من انتفاء مانع خاص انتفاء الموانع، وحاصله أن المستدل توهم أن مأخذ الخصم التفاوت، والمعترض أبطل ذلك. من النقول والردود.

(٥) أي: إلى القتل، وهي آلة القتل.

(٦) عطف على ارتفاع، أي: من أين يلزم وجود الشرائط ووجود المقتضي للحكم؟

(٧) أي: التفاوت في الوسيلة مثلاً.