شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[أقسام مفهوم الموافقة]

صفحة 15 - الجزء 2

  وما دون القنطار أشد مناسبة لِلتَّأْدِيَة من القنطار المذكور في قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}⁣[آل عمران: ٧٥]. وما فوق الدينار أشد مناسبة لِعدم التَّأْدِية من الدينار المذكور في قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}⁣[آل عمران: ٧٥]. وما دون القنطار أشد مناسبة لِعدم الأخذ منه من القنطار المذكور في قوله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا}⁣[النساء: ٢٠].

  والأولى أن يقال: إنه كناية؛ لِإِطْلَاقِ الملزوم وإرادة لازمه⁣(⁣١).

  (وإن لم يكن فيه معنى الأولى) بأن كان مساوياً لحكم المذكور أو دونه (فهو لحن الخطاب) مثال الأول: تحريم⁣(⁣٢) الأذى المساوي للتأفيف كتقطيب الوجه.

  ومثال الثاني: (نحو قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}⁣[الأنفال: ٦٥]، فإنه يدل) بمفهومه (على وجوب ثبات الواحد لعشرة)؛ إذ يعلم من حال ثبات العشرين للمائتين المنطوق به حال ثبات الواحد للعشرة المفهوم منه، مع الاتفاق في الحكم، وهو وجوب الثبات فيهما، لكن تلك الدلالة (لا بطريق الأولى(⁣٣))؛ إذ ليس أشد مناسبة في المسكوت عنه منه في المذكور، بل هو في حق العشرين أشد؛ لحصول التظافر.

  والفحوى - ممدوداً ومقصوراً - واللحن معناهما لغة: معنى الخطاب، ذكره الجوهري؛ ولذا أَطْلَقَ بعضُهم كلاً من الاسمين على كل من القسمين.

  ومنهم⁣(⁣٤) من يسمي الأول بهما دون الثاني، ولا مشاحة في الاصطلاح.

  والخطابُ: توجيه الكلام نحو السامع للإفهام.


(١) فأطلق المنع من التأفيف وأراد المنع من الإيذاء.

(٢) أما التمثيل بتحريم إحراق مال اليتيم ففيه أنه من باب الأولى لأنه يحصل الانتفاع بالأكل دون الإحراق.

(٣) أي: بل بطريق المساوة.

(٤) وهو القائل بأن المساوي ليس من باب مفهوم الموافقة. تمت شرح غاية؛ بل يجعله من باب القياس.