شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[مفهوم الصفة]

صفحة 18 - الجزء 2

  والصحيح: ما عليه الجمهور من أنه لا يعمل به؛ لأن المفهوم إنما يعتبر لتعينه فائدة لانتفاء غيره من الفوائد، واللقب قد انتفى فيه المقتضي لاعتبار المفهوم⁣(⁣١)؛ لأنه لو طرح لاختل الكلام، فذكره لاستقامة الكلام، وهو أعظم فائدة، وهذه الطريق أقوى ما يتمسك به في إبطاله.

  وَأَمَّا ما يقال⁣(⁣٢) من أنه يلزمُ من نحو قولنا: محمد رسول الله ÷ نفيُ رسالةِ غير نبينا ÷ فيلزم الكفر - ففيه: أن المفهومَ إنما يحتج به عند عدم معارضة الدليل، أما إذا قام الدليل القطعي على الخلاف امتنع العمل به كغيره من أنواع دليل الخطاب.

  قالوا: يَتبادرُ من قول القائل لمن يخاصمه: ليست أمي بزانيةٍ فهمُ⁣(⁣٣) نسبة الزنا إلى أم خصمه؛ ولذا وجب الحد عليه⁣(⁣٤)، ولولا مفهوم اللقب لَمَا تبادر ذلك.

  وَأُجِيب: بأن ذلك مفهومٌ من القرائن الحالية، وهي: الخصامُ وقصدُ الإيذاء والتقبيح، وكلُّ ما يورد في مقام الخصام مُرادٌ به ذلك غالباً، فلا يكون من المفهوم الذي يكون اللفظ ظاهراً فيه لغة. قلت: ويلزمُ أيضاً نسبة الزنا إلى جميع من عدا أم المتكلم، ولا قائل به.

[مفهوم الصفة]

  (و) الثاني: (مفهوم الصفة) والمراد بها هنا: ما أشعر⁣(⁣٥) بمعنى في الموصوف مما ليس بشرط ولا استثناء ولا عدد ولا غاية؛ فيدخل فيها النعت والحال والظرف، مفرداً كانت أو غيره، كقوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ


(١) أي: تعينه فائدة.

(٢) أي: في إبطال مفهوم اللقب.

(٣) فاعل يتبادر.

(٤) عند مالك وأحمد.

(٥) أي: ما دل على معنى ... إلخ.