فصل: [في المفهوم]
  أو للتوضيح، فإن جاءت محتملة له وللتخصيص جاء الإجمال في المفهوم، كما في قوله ÷ - لما استعار من صفوان بن أمية أدرعاً، فقال: أغصباً يا محمد أم عارية؟ ـ: «بل عارية مضمونة»، يحتمل الإيضاح وأن العارية شأنها ذلك؛ فيكون الضمان فيها حكماً للعارية مطلقاً، كما ذهب إليه الشافعي. ويحتمل التخصيص، أي: مشروط فيها الضمان؛ فلا تكون العارية مضمونة حتى يكون فيها ذلك، كما ذهب إليه أصحابنا والحنفية.
  ومن ذلك أن يراد بالعدد التكثير، كالألف والسبعين مما يستعمل في لغة العربِ للمبالغة، نحو: جئتُك ألف مرة فلم أجدك.
  وقد ذكر غير هذه الصور لا حاجة إلى التطويل بذكرها بعد ذكر الضابط(١)، والله أعلم.
  واعلم أن مثبت مفهوم الخطاب ونافيه متفقون على أن حكم المنطوق حكم ما ينطق به، وأن الحكم المنطوق به غير ثابت في المسكوت عنه، وإنما اختلفوا: هل كونه غير ثابت في المسكوت عنه حكمٌ شرعي أو عقلي؟ فالقائلون به يجعلونه حكماً(٢) شرعياً.
  وهو ظني إن كان أصله ظنياً اتفاقاً؛ إذ لا يزيد عليه. قيل: وكذا إذا كان قطعياً، والله سبحانه أعلم.
  * * * * *
(١) وهو قوله: أن لا يظهر فائدة للتقييد بأيها سوى التخصيص للمذكور بالذكر.
(٢) وفائدة الخلاف تظهر لو ورد خطاب بأن في المعلوفة زكاة بعد ما لو قال النبي ÷: «في سائمة الغنم زكاة» فمن يقول بالمفهوم يقول: إن إيجاب الزكاة في المعلوفة نسخ لأنه أزال حكماً شرعياً وهو عدم الوجوب فيها، ويعتبر في ذلك شرائط النسخ، ومن يمنع المفهوم يقول: هو شرع مبتدأ ليس بنسخ، ولم يعتبر شرائط النسخ. نقلاً من حاشية على الفصول منقولة من الدراري.