[الحقيقة الشرعية]
[الحقيقة الشرعية]
  (وشرعية) منسوبة إلى الشرع، وهي: اللفظ الذي وضعه الشارع لمعنى بحيث يدل عليه بلا قرينة كما في العرفية، سواء كان اللفظ والمعنى مَجْهولَيْن عند أهل اللغة، كأوائل السور عند من يجعلها أسماءً، أو كانا مَعْلومَيْن لهم لكنهم لم يضعوا ذلك الاسم لذلك المعنى، كالرحمن لله تعالى عند من جعل الدينية داخلة في الشرعية، فإنَّ كلاً منهما(١) كان معلوماً ولم يضعوا اللفظ له تعالى؛ ولذلك قالوا حين قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ}[الإسراء: ١١٠]: إنا لا نعرف الرحمن إلا رحمان اليمامة، أو كان أحدهما معلوماً والآخرُ مجهولاً كالصلاة والصوم.
  وَوَجْهُ حُسنِ النقل الشرعي: أنه لا يمتنع أن يكون فيه مصلحة للمكلفين كما في غيره من المصالح الشرعية، ولأن الشريعة جاءت بأحكام لم تكن معروفة من قبلُ فاحتيج إلى تمييزها بأسماء تخصها، وكما يَحْسُنُ أن يوضع لها أسماء تعرف بها مرتجلة يَحْسُنُ أن يُنقلَ إليها بعض الأسماء اللغوية.
  والحقُّ عند أئمتنا $ والجمهور(٢) وقوعها؛ لتبادر الشرعي من إطلاق الصلاة والزكاة والحج والصوم؛ فإن المتبادر من إطلاق هذه الألفاظ معانيها الشرعية التي هي: الركعات بما اشتملت عليه، وأداء مال وإمساك وقصدٌ مخصوصات على أوجه مخصوصة، بعد أن كانت للدعاء والنماء والإمساك والقصد المطلقين، وذلك(٣) علامة الحقيقة.
(١) أي اللفظ والمعنى.
(٢) خلافاً للباقلاني، واعلم أنه لا نزاع في أن الألفاظ المتداولة على لسان أهل الشرع المستعملة في غير معانيها اللغوية قد صارت حقائق فيها، وإنما النزاع في أن ذلك بوضع الشارع وتعيينه إياها بحيث تدل على تلك المعاني بلا قرينة فتكون حقائق شرعية كما هو مذهبنا، أو بغلبتها في تلك المعاني في لسان أهل الشرع والشارع إنما استعملها فيها مجازاً بمعونة القرائن فتكون حقائق عرفية خاصة لا شرعية، وهو مذهب الباقلاني، فإذا وقعت مجردة عن القرائن في كلام أهل الكلام والفقه والأصول ومن يخاطب باصطلاحهم فتحمل على المعاني الشرعية وفاقاً، وأما في كلام الشارع فتحمل عليها عندنا، وعلى معانيها اللغوية عند الباقلاني.
(٣) أي: التبادر.