شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الحقيقة الشرعية]

صفحة 35 - الجزء 2

  والشرعية قسمان: فرعية إن نقلت إلى فروع الدين، (ودينية) إن نقلت إلى أصول الدين، فهي منسوبة إلى الدين، أي: أنَّا متعبَّدون بإجراء نحو: الرحمن والإيمان والمؤمن على مسمياتها.

  والحق وقوعها⁣(⁣١) أيضاً؛ لأن المؤمن لغة: المُصَدِّقُ، قال تعالى حاكياً: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا}⁣[يوسف: ١٧]، وشرعاً: فاعل الطاعات ومجتنب المقبحات مع التصديق.

  والإيمان في اللغة: التصديق، وفي الشرع: فعل الطاعات واجتناب المقبحات معه⁣(⁣٢)؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ٤}⁣[الأنفال]، فدلت الآيات على ما قلناه، وأن هذا الوصف مقصور عليهم لا يتعدى إلى غيرهم، وهو المطلوب.

  ولقوله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا ٤٧}⁣[الأحزاب]، {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ١٤٦}⁣[النساء]، {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ}⁣[يونس: ٢]، و: «بشر بها كل مؤمن».

  ولو كان الإيمان التصديق لكان الفاسق مؤمناً داخلاً في هذه البشارات؛ فيسقط عن نفسه التحفظ عن المعاصي، والإجماع مانع من ذلك.

  وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}⁣[البقرة: ١٤٣]، أي: صلاتكم إلى بيت المقدس؛ وذلك لأن الآية نزلت بعد تحويل القبلة دفعاً لتوهم إضاعة الصلاة التي كانت إليه.


(١) أي: الدينية.

(٢) أي: التصديق.