[الحقيقة الشرعية]
  والشرعية قسمان: فرعية إن نقلت إلى فروع الدين، (ودينية) إن نقلت إلى أصول الدين، فهي منسوبة إلى الدين، أي: أنَّا متعبَّدون بإجراء نحو: الرحمن والإيمان والمؤمن على مسمياتها.
  والحق وقوعها(١) أيضاً؛ لأن المؤمن لغة: المُصَدِّقُ، قال تعالى حاكياً: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا}[يوسف: ١٧]، وشرعاً: فاعل الطاعات ومجتنب المقبحات مع التصديق.
  والإيمان في اللغة: التصديق، وفي الشرع: فعل الطاعات واجتناب المقبحات معه(٢)؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ٤}[الأنفال]، فدلت الآيات على ما قلناه، وأن هذا الوصف مقصور عليهم لا يتعدى إلى غيرهم، وهو المطلوب.
  ولقوله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا ٤٧}[الأحزاب]، {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ١٤٦}[النساء]، {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ}[يونس: ٢]، و: «بشر بها كل مؤمن».
  ولو كان الإيمان التصديق لكان الفاسق مؤمناً داخلاً في هذه البشارات؛ فيسقط عن نفسه التحفظ عن المعاصي، والإجماع مانع من ذلك.
  وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة: ١٤٣]، أي: صلاتكم إلى بيت المقدس؛ وذلك لأن الآية نزلت بعد تحويل القبلة دفعاً لتوهم إضاعة الصلاة التي كانت إليه.
(١) أي: الدينية.
(٢) أي: التصديق.