[أقسام الحقيقة]
  وما روى البخاري ومسلم وأحمد والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة عنه ÷ أنه قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نُهبة(١) ذات شَرف يرفع الناس فيها أبصارَهم(٢) حين ينتهبها وهو مؤمن»، وزاد أحمد ومسلم: «ولا يغل أحدكم حين يغل(٣) وهو مؤمن، فإياكم إياكم».
  وما رواه أحمد وابن حبان في صحيحه عن أنس عن النبي ÷ أنه قال: «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له».
  فهذه الأدلة صريحة فيما ذكرناه(٤).
  قال ابن حجر(٥) في مقدمة فتح الباري عن البخاري: كتبت عن ألف وثمانين نفساً ليس فيهم إلا صاحب حديث، وقال أيضاً: لم أكتب إلا عَمَّنْ قال: الإيمان قول وعمل.
  وللقوم تأويل(٦) وجواب عام، وهو: أنه في الأعمال مجاز، والمجاز أولى من النقل.
  وما ذكروه لازم لهم؛ لأنهم يقولون: إن الإيمان في اللغة: «التصديق» مطلقاً،
(١) بالضم: الشيء المنتهب.
(٢) أي: تعجباً من جرأته، أو خوفاً من سطوته.
(٣) أي: حين يكتم شيئاً من المغنم.
(٤) أي: من أن الإيمان فعل الطاعات وترك المقبحات.
(٥) هذا استظهار على إثبات الجماهير من السلف للدينية.
(٦) من ذلك تأويل: {يضيع إيمانكم} بأن المراد التصديق بوجوب الصلاة التي توجهتم فيها إلى بيت المقدس وما يترتب على التصديق وهو الصلوات، أو يكون مجازاً و هو أولى من النقل. ومن ذلك تأويل قوله تعالى: {يوم لا يخزي الله النبي ..} الآية، بأنه مختص بالصحابة كما يدل عليه لفظة معه. وتأويل حديث: «الإيمان بضع ... إلخ» بأن المراد شعب الإيمان على حذف مضاف، لا نفس الإيمان؛ لأن إماطة الأذى ليس داخلاً في أصل الإيمان حتى يكون فاقده غير مؤمن بالإجماع؛ فلا بد من تقدير المضاف. ومن ذلك تأويل: «لا يزني الزاني ..» الخبر بأنه مبالغة على معنى أنها ليست من شأن المؤمن فكأنها تنافي الإيمان ولا تجامعه. سيلان