شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[أقسام الحقيقة]

صفحة 36 - الجزء 2

  وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ ...} الآية [النور: ٦٢].

  ولأن المؤمن لا يُخزى في الآخرة؛ بدليل قوله تعالى: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ}⁣[التحريم: ٨]، والفاسقَ يُخزى؛ لقوله تعالى في المحاربين: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٣٣}⁣[المائدة]، والمعذب يُخزى؛ لقوله تعالى: {إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ}⁣[آل عمران: ١٩٢]، فثبت أن الفاسق مخزي، وكل مؤمن ليس بمخزي، وهو يستلزم⁣(⁣١) أن الفاسق ليس بمؤمن، وهو المطلوب.

  وما رُويَ عن علي # عن النبي ÷ أنه قال: «الإيمان معرفة القلب، وقول باللسان، وعمل بالأركان».

  وما رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي ÷ أنه قال: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة⁣(⁣٢) من الإيمان»، وقد عدها في الأربعين النبوية للنووي، وعقد لها⁣(⁣٣) فيها⁣(⁣٤) فصلاً، وأكثرها أعمال.

  وما رواه أحمد والبخاري والنسائي عن ابن عباس عنه ÷ أنه قال: «لا يزني العبد حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يقتل وهو مؤمن⁣(⁣٥)».


(١) لأن هذا من الضرب الأول من الشكل الثاني، وهو يرتد إلى الأول بعكس الكبرى، وهي هنا: كل مؤمن ليس بمخزي إلى قولنا: المخزي ليس بمؤمن، ينتج ما ذكره.

(٢) أي: خصلة.

(٣) أي: هذه الأحاديث.

(٤) أي: في الأربعين النووية.

(٥) يعني مع أن التصديق حاصل.