[المشترك اللفظي]
  والصحيح ما عليه أئمتنا $ والجمهور من جوازه ووقوعه في الكتاب والسنة بالاستقراء، كالقرء(١) للطهر والحيض، والجون للسواد والبياض.
  وقد يطلق مراداً به أحد معانيه لا على التعيين، كقوله تعالى: {فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَاءِكُمْ}[النساء: ١٠٢]، فإن المراد الجهة التي فيها العدو.
  ومراداً به كل واحد من مَعْنَييه أو معانيه، بأن تتعلق النسبة بكل واحد لا بالمجموع من حيث هو مجموع، بأن يقال: رأيت العين ويراد به الباصرة والجارية وغيرهما، وفي الدار الجون، أي: الأسود والأبيض، وأقرأت المرأة، أي: حاضت وطهرت، حقيقة لا مجازاً.
  فيحمل المشترك إذا ورد بلا قرينة على الكل من معانيه؛ لأنه ظاهر في الكل، ولا يحمل على أحدها خاصة إلّا بقرينة، وهذا(٢) معنى عموم المشترك. وإنما جاز ذلك لأن المعنى الموضوع له المستعمل فيه اللفظ هو كل من المعنيين لا بشرط أن يكون وحده، ولا بشرط ألا يكون وحده، وهذا المعنى متحقّقٌ في حال الانفراد وفي حال الاجتماع، فاستعمالُ اللفظ المشترك في المعنى حال الاجتماع بالآخر استعمال له في نفس الموضوع له كحال الانفراد، فالموضوع له لم يقيد بانفراد عن شيء ولا باجتماعٍ به.
  ولأن الرجل إذا قال لعبده: «كن ولياً لفلان» يُحمل كلامه على المودة والنصرة له، وإذا قال لامرأته: «أنت طالق إذا رأيت لوناً» فإنها تطلق إذا رأت سواداً أو بياضاً أو لوناً غيرهما، قال تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}[المائدة: ٩٦]؛ إذِ المراد: مَصِيْدُه واصطيادُه، والله أعلم.
(١) القرء بفتح القاف في اللغة الفصيحة، وقد تضم.
(٢) أي: الحمل المذكور هو معنى قولهم: عموم المشترك.