[المجاز]
  الفرقُ بينه وبين المشترك، فإنه قد لا تصحبه قرينة حيث يراد الإجمال، وأنّ قرينته معينة لا صارفة.
  وأصل القرينة الآخِيَّة(١) وهي: حبل طرفاه تحت الأرض، ويمد وسطه على الأرض، وفيها حِلق من ذلك الحبل أو غيره يربط في الحيوانات بأن يدخل رؤوسها أو أكارعها، ومنه الحديث: «المؤمن يجول ثم يرجع إلى آخِيَّته» ذكره في الشهاب، ومعناه: أنه وإن قارف ذنباً فإنه يرجع إلى التوبة من ذنبه.
  وقيل: هي حَبْل يدفن طرفاه ويبقى وسطه كهيأة العروة، والحبل المذكور اسمه [الربق](٢) والقَرَن، قال جرير:
  وابن اللّبُون إذا ما لُزّ في قَرَنٍ ... لم يستطعْ صولَة البُزْل القناعيس(٣)
  وهذه القرينة على ضربين: أحدهما: تَمنعُ من حمل الخطاب على ظاهره وتَعلّقُه بمراد معين، ولا شبهة في حمل اللفظ على ذلك المعنى.
  والثاني: تمنعُ من حمله على ظاهره ولا تعلقه بمراد معين، وما هذا حاله لا يخلوا: إما أن يكون له مجاز واحد أو أكثر؛ إن كان واحداً حمل عليه ولا شبهة، وإن كان أكثر من واحد وبعضها أقرب من بعض حمل على الأقرب، وإن كانت متساوية فإما أن تنحصر أو لا، إن كانت منحصرة غير متنافية حمل عليها أجمع على قول من يقول بجواز حمل اللفظة على جميع معانيها، كما ثبت في استعمالهم البحر مجازاً في معان مختلفة، كالعالم والكريم والشاعر والسيف، وكذا السكون يستعمل تارة في سكون النفس من الغضب والجوع وطمأنينة القلب باليقين.
  ومَن مَنعَ الاشتراكَ في ذلك يدفع ما ذكرنا باستعمال البحر والسكون فيما ذُكر
(١) الآخيّة بالمد والتشديد واحدة الأواخي، وهي مثل العروة تشد إليها الدابة، وهي الحرمة والذمة. مختار
(٢) ما بين القوسين غير موجود في نسخة.
(٣) البزل: جمع بازل: وهو البعير إذا بلغ التاسعة. والقناعيس: جمع قنعاس، العظيم من الإبل.