[الواجب]
[الواجب]
  (فا) لوجوب قد عرفته، ومتعلقه هو (الواجب)، فهو فعل اقتضاه الدليل ومنع من تركه. وكذا سائر الأقسام قد أفاد التقسيم السابق حدودها وحدود متعلقاتها. وللواجب(١) حدود غير ما أفاده التقسيم، ذكر منها ما سيأتي.
  فالواجب لغةً(٢): الساقط، قال تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}[الحج ٣٦]، ومنه(٣): وجبت الشمس. والثابت. ومنه: الإلزام، يقال: وجب الشيء إذا لزم، وأوجبه الله واستوجبه، أي: استحقه، وغير ذلك(٤).
  واصطلاحاً: (ما يستحق الثواب بفعله والعقاب بتركه) أي: فعل يستحق المكلف(٥) الثواب بفعله والعقاب بتركه. فتخرج سائر متعلقات أقسام الحكم كلها؛ إذ ليست كذلك. ولا حاجة إلى زيادة قيد «بوجهٍ مّا» حتى يدخل الموسع والمخير والكفاية؛ إذ لا يتصور ترك الموسع إلا بتركه في جميع وقته؛ لأنه واجب في جزءٍ مّا من الوقت مطلقا، ولا ترك المخير إلا بترك جميع آحاده المعينة؛ لأن وجوبها على البدل، وكذا الكفاية فإنه واجب على الكل مع سقوطه بفعل البعض، أو واجب على البعض لا بشرط التعيين، وعلى كلا التقديرين فلا يتصور تركه إلا بترك جميع الأشخاص، وأيضا فإنه بزيادته ترد صلاةُ الساهي والنائم، وصومُ المسافر؛ لأن تاركهما يستحق العقاب على تقدير انتفاء(٦) العذر، والتفصي عنه تعسف(٧)، والله أعلم.
(١) «ولها». نخ.
(٢) «وهو لغة». نخ.
(٣) أي: من المعنى اللغوي.
(٤) كالمضطرب، يقال: وجب القلب وجيبًا، إذا اضطرب. منه.
(٥) «المكلف به». نخ.
(٦) وهو عدم النوم والنسيان والسفر، مع أنه لا يلزم تارك الصلاة في تلك الأحوال، بل مع ترك القضاء، ولا يمكن التفصي عنه بدعوى أنها واجبة ولكن سقطت بالعذر؛ لأنا نقول: وكذا المخير والكفاية واجبة وسقطت بفعل الغير، فلا يحتاج إلى القيد. شرح غاية.
(٧) التفصي معناه: التخلص. والتعسف معناه: أَخْذٌ على غير طريق؛ لما فيه من الاعتبارات التي لا يدل عليها دليل، ولا تدعو إليها حاجة. منه بتصرف.