[الأمر]
  واعتادوا ذلك، فإذا خاطبنا الله تعالى(١) بلغهتم كان قد وضع صيغة الأمر للوجوب، وهو تعالى عدل حكيم لا يوجب إلا ما له وجه يخصه، فأشبه ذلك تسميتهم الأصنام آلهة لكونها عندهم مما يشتاق إليه ويعبد؛ فإنا نتبعهم في العبارة، ولا نسمي إلهاً إلا ما كان كذلك، ونحذوا على مثالهم في الوضع وإن أخطأوا في اعتقادهم في الأصنام(٢) أنها تُعبد.
  وأما المنقول - وهو حجة من يقول بأنها حقيقة في الوجوب شرعاً فقط - فذلك لقولِه تعالى مخاطباً لإبليس لعنه الله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}(٣) [الأعراف: ١٢]، والمراد من الأمر(٤): قوله تعالى: {اسْجُدُوا}[الأعراف: ١١]، وقولِه تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ ٤٨}(٥) [المرسلات]، {فَلْيَحْذَرِ(٦) الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}[النور: ٦٣].
= قرينة تصرف عنه وكذا الرسول ÷.
(١) ورسوله ÷.
(٢) وأما الاستدلال على ذلك بقول معاوية يخاطب مملوكه:
أمرتك أمراً حازماً فعصيتني ... فخدك إن لم تقبل النصح عاثر
وفي المحصول أن قائله حبان بن المنذر ليزيد بن المهلب أمير خراسان والعراق، وفي حاشية الفصول والكشف أن قائله عمرو بن العاص لمعاوية لما أتى بعبدالله بن هاشم بن عتبة وكان هاشم أحد فرسان أمير المؤمنين علي # فأشار عليه بقتله فقال معاوية: لا أرى في العفو إلا خيراً فغضب وكتب إليه البيت، وفي رواية الجوهرة: فأصبحت مسلوب الأمارة نادماً، فلا يصلح؛ لأن قوله: حازماً قرينة الوجوب فيخرج عما نحن فيه. اهـ
(٣) وجه الاستدلال أنه ورد في معرض الذم بالمخالفة لا في معرض الاستفهام اتفاقاً وهو دليل الوجوب. تمت شرح غاية.
(٤) زعم الآمدي أن مبنى الاستدلال كون أمرتك عاماً في كل أمر مع أنه غير عام فيه حتى يشمل صيغة افعل، فلا يتم المدعى، فأشار إلى دفعه بأن المراد صيغة افعل خصوصاً فيتم المدعى.
(٥) ذمهم على مخالفة الأمر إذ لو لم يكن الأمر للوجوب لما حسن هذا الكلام. شرح غاية
(٦) هدد على مخالفة أمره، والتهديد دليل الوجوب.