شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[المختار في صيغة الأمر والأدلة على ذلك]

صفحة 67 - الجزء 2

  لا إثبات اللغة بالقياس⁣(⁣١) والترجيح - فلأنه مقابل النهي وقسيمه، وقد ثبت أنه يقتضي وجوب الكف عن الفعل؛ فيجب في الأمر أنه يقتضي وجوب الفعل واستحقاق الذم بتركه، وذلك معنى الوجوب.

  وَ (لمبادرة العقلاء) من أهل اللغة قبل ورود الشرع (إلى ذم عبد) أو ولد (لم يمتثل أمر سيده) أو والده، ولا يذمون على ترك فعل إلا وهو واجب؛ فلولا أنه حقيقة في الوجوب لما فهموا ذلك منه وتبادروا إليه وإلى وصف تاركه بالعصيان.

  لا يقال: إن طاعة العبد لسيده وذمه على عدمها لدليل الشرع لا لأجل اللغة، وكذلك طاعة الولد لوالده أمر عقلي لا لغوي.

  لأنا نقول: إنه وإن كان كذلك⁣(⁣٢) إلا أن أهل اللغة كانوا يؤثرون استخدام السودان وتملكهم، ويذمون العبد عند المخالفة، وكذلك الولد وهذا أمر لغوي وإن طابقه الشرع والعقل.

  فإن قيل: ذم أهل اللغة لا يقضي بالوجوب؛ إذ لا عصمة فيهم، وقد يذم أحدهم غيره على ترك القبيح، كما يفعلونه عند كف أحدهم عن مصاولة الأقران وإن كان ذلك قبيحاً، وغير ذلك من صنيعهم.

  أُجيب: بأنا لم نقل بإصابتهم في اعتقادهم وجوب ذلك وأنّ ما قالوا بوجوبه فهو واجبٌ في نفس الأمر، وإنما استدللنا⁣(⁣٣) بأنهم وضعوا صيغة الأمر للوجوب


(١) يعني ليس المراد بالمعقول هنا الاستدلال بالقياس، أي: إلحاق ما لم يُستعمل لغة في الوجوب، على ما اسْتعمله أهل اللغة فيه، بجامع كما في القياس ليرد أن اللغة لا تثبت بالقياس كما تقدم، بل المراد الاستدلال بمجرد الاستقراء المفيد لظهور الصيغة عند أهل اللغة في الوجوب. وقوله: والترجيح: يعني الترجيح العقلي، كأن يقال: قول القائل افعل مثلاً يقتضي إيقاع الفعل، وليس لجواز تركه لفظٌ منه؛ فيجب المنع من تركه، وإذا لم يجز تركه فقد وجب.

(٢) أي: لدليل الشرع.

(٣) في حاشية الغاية: وإنما استدللنا به على أنهم وضعوا صيغة الأمر للوجوب واعتادوا استعمالها فيه، وإذا كان تعالى خاطبنا بلغتهم اقتضى ما أطلقه من الصيغ المخصوصة الوجوب حيث لا =