شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[حكم تكرر صيغة الأمر بغير حرف العطف]

صفحة 77 - الجزء 2

  الثاني تأكيداً للأول، والتأكيد مع حرف العطف قليل⁣(⁣١)، سواء كانا⁣(⁣٢) من جنس أو من جنسين متفقين أو مختلفين حكماً أو جهة أو هيئة أو مكاناً أو زماناً، كصم يوماً وصم يوماً، ومثل: صم يوماً وصل ركعتين، ومثل: صل ركعتين فرضاً وصل ركعتين نفلاً، ومثل: صل ركعتين إلى الكعبة وصل ثلاثاً إلى بيت المقدس، ومثل: صل قاعداً وصل قائماً، ومثل: صل ركعتين في المسجد وصل ثلاثاً في الجبانة، أو صم يوم الجمعة وصم يوم السبت. (اتفاقاً) بين العلماء، وظاهره أن الاتفاق حاصل في نحو: صم سنة وصم شهراً، وأعط زيدا مائة درهم وأعطه خمسين.

  وفيه: أن في المقنع للإمام يحيى بن المحسن الداعي # ما معناه: وذهب بعض العلماء إلى أنَّ الأمر الثاني يُحمل على أنه أريد به البعض الذي دخل تحت الأول. انتهى.

[حكم تكرر صيغة الأمر بغير حرف العطف]

  (وكذا) الحكم⁣(⁣٣) إذا تكرر (بغير) حرف (عطف) من الحروف المتقدمة، كصل ركعتين صل ركعتين (على) القول (المختار) وهو مذهب الحاكم وقاضي القضاة وكثير من المتكلمين؛ لأن الأمر جار مجرى الخبر، ولا شك أن تغاير الخبرين يوجب تغاير المُخْبَرَيْنِ⁣(⁣٤)؛ لما نعلمه في الشاهد فإنه من قال: علي لفلان


(١) يعني بالتأكيد اللفظي، نحو قوله تعالى: {فلا تحسبنهم} بعد قوله: {لا تحسبن}، ونحو: والله ثم والله، بخلاف المعنوي فلا يعطف، ولا بعض ألفاظه على بعض؛ فلا يقال: جاءني القوم وكلهم، ولا جاءني القوم كلهم وأجمعون؛ لعدم استقلاله واستغنائه عما قبله؛ فلو عطف لكان كعطف الشيء على نفسه. ذكر معناه أهل المعاني.

(٢) أي: المعطوف والمعطوف عليه.

(٣) أي: يقتضي تكرر المأمور به.

(٤) سواء كانا غير متداخلين كما ذكر أو متداخلين نحو: علي لفلان مائة عليَّ له خمسون؛ فإنه لو قال: أردت بالخمسين البعض الداخل في المائة عد كلامه لغواً لغة وشرعاً، والله أعلم.