[حكم تكرر صيغة الأمر بغير حرف العطف]
  درهم ثلاث مرات ولا قرينة حكم عليه بثلاثة دراهم، ونحو ذلك، فإذا ثبت ذلك في الخبرين وجب ثبوته في الأمرين.
  وأيضاً فإن الأمر الثاني لو انفرد لاقتضى مأموراً به غير ما اقتضاه الأمر الأول بلا خلاف؛ ألا ترى أن القائل إذا قال لغيره: صم يوماً، ثم قال له بعد مدة: صم يوماً - وجب عليه يومان، وكذا لو قال: أعط زيداً درهماً، ثم قال بعد ذلك: أعط زيداً درهماً ... الى غير ذلك، فانضمامه إلى الأمر الأول يجري مجرى انفراده في اقتضائه مأموراً آخر؛ لأن اقتضاءه مأموراً على حِدَةٍ عند انفراده إنما كان بظاهر وضعه وصيغته، فاقترانه إلى الأول لا يغيرهما، فلا يغير مقتضاه.
  لا يقال: كلٌّ من الأمرين لو انفرد لكان دليلاً على وجوب إيقاع الفعل، فإذا اجتمعا كان كأنه قد دل على وجوبه دليلان، ومعلوم أن الأدلة قد تترادف على مدلول واحد، فكما لا يجب أن يكون لكل دليل مدلولٌ على حدة فكذلك لا يجب أن يكون لكل أمر مأمورٌ به على حدة.
  لأنا نقول: لا نسلم أن كل واحد منهما دليل على وجوب إيقاع الفعل الذي دل صاحبه عليه، بل لكل منهما مدلول غير مدلول الآخر، فإذا اجتمعا لم يكن قد دل على مدلول أحدهما إلا دليل واحد، وإلا فلا شبهة أن الأدلة قد تترادف على مدلول واحد، كمعجزات الأنبياء $ ورحمة الله ورضوانه.
  (إلا لقرينة) تمنع من حمله على وجوب التكرر(١) (من تعريف(٢)) بنحو اللام، نحو: صل ركعتين صل الركعتين، فإن اللام ظاهرة في العهد، ولا معهود إلا ما تقدم، ولذا قال ÷: «والذي نفسي بيده لو كان العسر في جحر ضب لدخل عليه اليسر؛ إنه لن يغلب عسر يسرين»، وعلى هذا حمل ابن عباس
(١) من اقتضاء التكرير (نخ).
(٢) أي: في الأمر الثاني، يعني إذا ورد الأمر الثاني معرَّفاً اقتنع التكرار لكونه عين الأول.