[الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده]
[الأمر بالشيء ليس نهياً عن ضده]
  واختلف هل الأمر بالشيء المعين(١) نهي عن ضده أو لا؟، وليس الخلاف في هذين المفهومين(٢)؛ لاختلافهما باختلاف الإضافة، فإن الأمر مضاف إلى الشيء، والنهي مضاف إلى ضده، ولا في اللفظ؛ لأن صيغة الأمر نحو: افعل، وصيغة النهي نحو: لا تفعل، وإنما الخلاف في الشيء المعين إذا أمر به فهل ذلك الأمر نهي عن الشيء المعين المضاد له أو لا؟ فإذا قال: تحرك، فهل هو في المعنى بِمَثَابةِ: لا تسكن؟
  فقال الأشعري(٣) والباقلاني(٤) في قديم قوليه: هو بمثابته، وإنه نهيٌ(٥) عن الضد، واتصافه بكونه أمراً ونهياً باعتبارين(٦)، كاتصاف الذات الواحدة بالقرب والبعد بالنسبة إلى شيئين، سواء كان إيجاباً أو ندباً(٧).
  محتجّين بأن فعل السكون مثلاً عين ترك الحركة؛ إذ البقاء في الحيز الأول هو بعينه عدم الانتقال إلى الحيز الثاني، وإنما الاختلاف في التعبير، فطلب فعل السكون هو طلب ترك الحركة؛ لاتحاد المطلوب فيهما.
  وَرُدَّ برجوع النزاع لفظياً في تسمية فعلِ السكون تركاً للضّد الذي هو الحركة، وطلبِه نهياً عنه، وكان طريق ثبوته النقل لغة(٨).
  واختار المؤيد وصاحب الفصول والقاضي عبدالجبار وأبو الحسين البصري
(١) قال في شرح الفصول: إن زيادة لفظ المعين لئلا يتوهم أن المراد مفهوم الأمر أو الصيغة. انتهى.
(٢) أي: الاسمين بأن يسمى الأمر نهياً على الحقيقة، وإنما لاخلاف في معنييهما بمعنى أن الأمر بالشيء نهي عن ضده من جهة أنه يحرم ضده.
(٣) تقدمت ترجمته.
(٤) تقدمت ترجمته.
(٥) قوله: «وإنه نهي عن الضد» لعله عطف على قوله: «هو بمثابته». بمنزلة التفسير. سيلان.
(٦) بمعنى: أن الطلب واحد: وهو بالنسبة إلى التحرك أمر وإلى السكون نهي.
(٧) يعني أن طلب الفعل إيجاباً، أو ندباً عين طلب الكف عن الضد تحريماً، أو كراهة. شرح غاية.
(٨) ولم يثبت.