[المباح]
  إنه ترك مباحا، وهو ظاهر. وبقيد الحيثية - أيضًا - لا يرد أن الفاسق لا يستحق الثواب بفعل الواجب والمندوب، ولا بترك المحظور والمكروه؛ لأن عدم استحقاقه الثواب بذلك إنما كان لانحباطه بملابسة المعاصي، لا من حيث إنه فعل أو ترك، والله أعلم.
  وقد يطلق على الحرام، كقول بعض أصحابنا: يكره النفل في الثلاثة الأوقات.
[المباح]
  (والمباح) لغة: الموسع فيه.
  واصطلاحاً: (ما لا ثواب ولا عقاب في فعله ولا تركه)(١)؛ فتخرج الأحكام الأربعة، ولو قال: «ما لا ثواب في فعله ولا تركه» لكفى، فتأمل.
  والإباحة: حكم غيرُ مكلف به؛ إذ التكليف إلزامُ أو طلبُ ما فيه مشقة وكلفة، ولا طلب في المباح. وغيرُ مأمور به؛ لأن الأمر طلب، والطلب ينافي الإباحة؛ للزوم ترجيح المطلوب على مقابله، واستلزام الإباحة تساوي الطرفين(٢)، ومنعُ التساوي خلاف الضرورة والإجماع.
[الخلاف في ترادف الفرض والواجب]
  (والفرض والواجب مترادفان) لا فرق بينهما عند الجمهور، (خلافا) للناصر(٣) والداعي(٤) @ و (للحنفية) ففرقوا بينهما بأن الفرض قطعيٌّ دليله: قطعيُّ الدلالة والسند، والواجب ظنيٌّ دليله: ظنيُّ الدلالة أو السند أو كليهما.
  واعلم أنه لا نزاع في تفاوت مفهوميهما لغة، ولا في تفاوت ما يثبت بدليل قطعي كمحكم الكتاب وما يثبت بدليل ظني كخبر الواحد، فإن جاحد الأول
(١) قلت: كذا ذكره بعض المحققين، ولو اعتبر فيه ترك الترك لكان داخلا في النوع الأول، أعني ما يثاب على تركه ولا يعاقب على فعله، فلعله بناء على أن الترك ليس بفعل، والله أعلم.
(٢) أي: لا ترجيح لأحدهما على الآخر، بخلاف الطلب، فمن هنا حصل التنافي.
(٣) هو الإمام الناصر الكبير الحسن بن علي الأطروش، من كبار أئمة الزيدية في بلاد الجيل والديلم، كان من عظماء الإسلام وكبار علمائه، له مصنفات توفي سنة ٣٠٤ هـ.
(٤) هو الإمام الداعي يحيى بن المحَسِّن بن محفوظ بن محمد بن يحيى الهادوي الحسني، برع في جميع الفنون وهو أحد أئمة الزيدية في اليمن، له في أصول الفقه المقنع، توفي بهجرة ساقين في رجب سنة ٦٣٦ هـ، وأينما أطلق الداعي في هذا الكتاب فهو المراد.