[النهي يدل على قبح المنهي عنه لا فساده]
  الزيادة اللازمة بالشرط.
  أما دلالته عليه شرعاً فبدلالة الإجماع(١)، فإن السلف من علماء الأمصار في الأعصار لم يزالوا يستدلون على الفساد - لا على مجرد التحريم(٢) - بالنهي مجرداً عن القرائن في الربويات، مثل: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا}[آل عمران: ١٣٠]، {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٨]، وفي الأنكحة، مثل: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ}[البقرة: ٢٢١]، وغيرهما من سائر ما يُنهى عنه من جِنسِ العبادات والمعاملات؛ من ذلك حكمُهم بفساد بيع درهمٍ بدرهمين، وبيع الغرر، وما دخلته جهالةٌ في المبيع، كبعتُ منك ما أكسبه هذا اليوم، أو في الخيار أو في الأجل أو في الثمن.
  وَأمَّا عدم دلالته عليه لغة فِلأن فساد الشيء عبارة عن سلب الأحكام له - أي: عدم ترتب ثمراته وآثاره عليه - وليس في لفظ النهي ما يدل على الفساد من جهة اللغة أصلاً، يعلم ذلك قطعاً.
  وذهب المصنف إلى ما ذهب إليه بعض أصحابنا وأبو عبدالله البصري وأبو الحسن الكرخي والقاضي عبدالجبار وكثير من الشافعية من أنه (لا) يدل على (فساده) أي: المنهي عنه أصلاً، لا لغة ولا شرعاً، لا في العبادات ولا في المعاملات؛ لأنه لو دل عليه لغة أو شرعاً لناقض التصريح بالصحة لغة أو شرعاً، واللازم باطل.
  أمَّا الملازمة فظاهرة، وأمّا بطلان اللازم فَلأن الشارع لو قال: نهيتك عن(٣) الربا نهيَ تحريمٍ ولو فعلت لكان البيع المنهيُّ عنه سبباً للملك - لصحَّ من غير تناقض بحسب اللغة والشرع.
  وأجيب: بمنع الملازمة؛ إذ قد يصرح بخلاف الظاهر، ونحن لم ندع إلا أن
(١) أي: المتقدم انعقاده على المخالف.
(٢) يعني لا يقتصرون عليه.
(٣) بيع.