شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[حكم العام إذا أتى للمدح أو الذم]

صفحة 100 - الجزء 2

  ومنه قوله ÷: «بَشِّر المشائين إلى المساجد في الظلم بالنور التام يوم القيامة» فيدخل ÷، ولا يلزم أن يكون آمراً مأموراً أو مبلِّغاً مبلَّغاً؛ إذ الآمر الله ø، والمبلغ جبريل #، والنبي ÷ حاكٍ لتبليغ جبريل ما هو داخل فيه من أوامر الله تعالى.

[حكم العام إذا أتى للمدح أو الذم]

  (و) اختلف في اللفظ العام إذا قصد به المدح أو الذم هل يبقى على عمومه أو لا؟

  فالمختار (أن مجيء) اللفظ (العام للمدح) كقوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ١٣}⁣[الانفطار]، (أو الذم) نحو: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤}⁣[الانفطار]، {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٣٤}⁣[التوبة]، (لا يبطل عمومه) ولا يقدح فيه؛ لأن قصد المبالغة في مقام الحث على الفعل والزجر عنه لا ينافي العموم، واللفظ عامٌّ بصيغته وضْعاً فوجب التعميم عملاً بالمقتضي السالم عن المعارض.

  ونُقل عن الشافعي المنع من عمومه، حتى إنه منع التمسك بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ..} الآية. في وجوب زكاة الحلي مصيراً منه إلى أن العموم لم يقع مقصوداً في الكلام، وإنما سِيق الكلام للمدح أو الذم، لا لإيجاب الزكاة في كل ذهب وفضة.

[عموم المقتضي]

  (و) اعلم أن مذهب جمهور أصحابنا أنَّ المقتَضِي بصيغة الفاعل - وهو: ما لا يستقيم في العقل والشرع كلاماً إلا بتقديرٍ، وَثَمَّ أمور صالحة لاستقامة الكلام - يعم⁣(⁣١) المقتَضَيَاتِ فتقدر كلها إلا ما خصه دليل، كما تقدم في قوله ÷: «رفع عن أمتي ...» الخبر، في الباب الثالث، وسيأتي في الباب السابع.


(١) خبر إنَّ.