[حكم العام إذا أتى للمدح أو الذم]
  وذهب أبو طالب والإمام يحيى @ وكثير من الأصوليين إلى أنه لا عموم له؛ لأن العموم من عوارض الألفاظ، والمقدر ليس بلفظ.
  وَرُدَّ بمنع المقدمتين؛ أمَّا الأولى(١) فلأن العموم في الحقيقة إنما يعرض للفظ باعتبار مدلوله بأن يراد جميع أفراده كما سبق، وأما الثانية(٢) فلأن المقدر لفظ حكماً.
  و (أَنَّ) الفعل الواقع بعد نفي أو معناه(٣) إن ذُكِرَ متعلقُه فالأمر على ما يقتضيه من عمومٍ أو خصوصٍ بلا خلاف يعلم، وأما إذا حُذفَ(٤) فإن أكد الفعل بمصدره نحو: والله لا أكلت أكلاً، أو: إن أكلت أكلاً فأنت حر(٥)؛ فإنه يقبل التخصيص بالنية واللفظ اتفاقاً.
  وإن لم يؤكد (نحو): والله (لا أكلتَ)، وإن أكلتَ فأنت حر؛ فالمختار عند الشافعية وأبي يوسف وأكثر أصحابنا أنه(٦) (عام في المأكولات) وسائر متعلقاته(٧)، ولو كان الغرض نفي نفس الفعل وتنزيله منزلة اللازم؛
(١) وهي قوله: إن العموم من عوارض الألفاظ.
(٢) وحتى قوله: والمقدر ليس بلفظ.
(٣) وهو النكرة في الشرط المثبت، وأما الشرط المنفي فلا عموم للنكرة فيه كـ: إن لم أكلم رجلاً فعبدي حر.
(٤) أي: متعلقه.
(٥) هذا مثال الذي في معنى النفي وهو النكرة الواقعة في الشرط المستعمل في موضع اليمين التي للمنع مثل: إن أكلت فأنت حر، فإنه للمنع من الأكل؛ إذ انتفاء الحرية مطلوب بانتفاء الأكل، فهو في معنى: لا أَكْلَ البتة.
(٦) هذا الذي ذكر معناه صاحب الفصول وعبدالجبار، أعني أن الخلاف في المتعدي والقاصر (*) والذي ذكر ابن الحاجب والرازي والغزالي والآمدي أن الخلاف إنما هو في المتعدي فقط، وادعى ابن الحاجب الوفاق، وفيه أن بعض الشافعية ذكر صحة التخصيص بالأزمنة والأمكنة، ونقل في ذلك نصاً عن الشافعي.
(*) مثل: إن صمت ولا أصوم، بالنسبة إلى الأزمنة، وإن قعدت ولا أقعد بالنسبة إلى الأمكنة.
(٧) كالزمان والمكان.