[تقسيم الواجب بالنظر إلى ذاته]
  (وفرض كفاية) وهو بخلافه، ويكون أيضًا عقلياً، كرد الوديعة عند جماعة. وشرعياً، كصلاة الجنازة والجهاد.
  ويتعلق وجوبه بالجميع حتى يفعله البعض، فيأثم من عرف الإخلال به متمكنا من فعله. وقد يتعين، ويكون بعضه من فروض العلماء، كحل الشبهة(١). وفي تعيينه بالشروع خلاف، رَجَّحَ الغزالي(٢) عَدَمَه.
[تقسيم الواجب بالنظر إلى ذاته]
  (و) بالنظر إلى ذاته (إلى معين) وهو ما لا يقوم غيره مقامه. ويكون عقلياً أيضاً: ضرورياً، كشكر المنعم، وقضاء الدين، ورد الوديعة، واستدلالياً، كشكر الله تعالى، ورسوله، والوالدين. وشرعياً، كالصلاة والزكاة.
  (ومخير) فيه كذلك(٣)، كأن يكون بالمكلف علة ويغلب بظنه برؤها بالحجامة أو شرب الدواء، فإنه يجب عليه فعلهما وجوباً(٤) مخيراً فيه، وكالكفارات الثلاث(٥). فيتعلق الوجوب بالجميع على جهة البدل، بمعنى أنه لا يجوز(٦) للمكلف الإخلال بجميعها، ولا يلزمه(٧) الجمع بينها، ويكون(٨) فعل كل منها
(١) هذا قول أبي العباس، والإمام يحيى، وقال الإمام المهدي وبعض الفقهاء: بل عام، وجهل الوجوب ليس بعذر؛ إذ يلزمهم البحث. قلنا: لكن مع عدم الإمكان لا وجوب عليهم؛ لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة ٢٨٦]، و {إِلَّا مَا آتَاهَا}[الطلاق ٧]، وقوله ÷: «إذا أمرتم بأمر فأتوا منه ما استطعتم». والله أعلم.
(٢) هو أبو حامد محمد بن محمد الغزالي من كبار علماء الأصول، ولد سنة ٤٥٩ هـ وتوفي سنة ٥٠٥ هـ. وفيات الأعيان.
(٣) أي: كالأول عقليا وشرعيا.
(٤) هذا من جهة العقل.
(٥) أي: مثلها في قوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[المائدة ٨٩]، مما ورد النص بالتخيير فيه بِـ «أو» أو ما في معناها - في أصل مشروعيته، وأما ما شرع من غير تنصيص على التخيير كالتخيير في الحج بين الإفراد والقران والتمتع، فلا مدخل له هنا، فيندفع ما يورد من التخيير بين واجب ومسنون، كالتخيير بين فعل التشهد الأوسط - مثلا - ولا سجود للسهو، وبين تركه ويجب السجود؛ إذ لا صيغة تخيير، والله أعلم.
(٦) بيان لتعلق الوجوب بالجميع.
(٧) بيان لقوله: «على جهة البدل».
(٨) عطف على قوله: «ولا يلزمه الجمع بينها» كالتفسير له. ولو قال: «بل يكون»؛ لكان أظهر.