[تقسيم الواجب بالنظر إلى ذاته]
  موكولا إلى اختياره؛ لتساويها في الوجوب(١). هذا قول أصحابنا والمعتزلة وبعض الفقهاء؛ لأن الشارع قد شرَّك بين هذه الأشياء في الخطاب المفيد للإيجاب، ولفظ «أو» موضوع للتخيير، فبان أن لكل منها حظا في الوجوب على البدل؛ لأن الصرف عن المدلول إنما يكون عند امتناعه، ولا امتناع قطعا.
  وقال الأشاعرة وأكثر الفقهاء: بل الواجب منها واحد لا بعينه، وفسره المتأخرون بالقدرِ(٢) المشترك بين الخصال كلها، الصادقِ على كل واحد منها، وحينئذ فلا تعدد فيه، وإنما التعدد في محاله؛ لأن المتواطي موضوع لمعنى واحدٍ صادقٍ على أفراده، كالإنسان، وليس موضوعا لمعان متعددة، وإذا كان أحد الخصال هو متعلق الوجوب - كما تقدم - استحال فيه(٣) التخيير، وإنما التخيير في الخصوصيات، وهي خصوص الإطعام - مثلاً - أو الكسوة أو الإعتاق، فالذي هو متعلق الوجوب(٤) لا تخيير فيه، والذي هو متعلق التخيير(٥) لا وجوب فيه.
  قيل: والمسألة عريضة الدعوى قليلة الجدوى، والخلاف في العبارة(٦). وفيه أن ثمرة الخلاف فيمن حلف - بعد حنثه وقبل تكفيره - بالطلاق ما عليه عتق، فيقع على الأول(٧)، لا الثاني؛ إذ الأصل براءة الذمة.
(١) أي: وجه الوجوب، وهو اللطفية أو الشكر.
(٢) وهو الأحد الدائر.
(٣) الضمير يعود إلى أحد الخصال.
(٤) أي: الكفارة.
(٥) أي: خصال الكفارة.
(٦) أي: راجع إلى التسمية والعبارة، فعند الأولين أن المسمى بالواجب المخير كل واحد، وعند الآخرين أن المسمى به الأحد المبهم الموجود في ضمن كل واحد، لا معنوي؛ لاتفاقهم على عدم وجوب جميعها، وعدم جواز الإخلال بجميعها، وعلى أنه بأيها كفَّر أجزاه، وعلى أنه لو كفر بغير ما كفر به أجزاه.
(٧) لأن كل واحد يوصف بأنه واجب.