[الاستثناء من النفي إثبات والعكس]
  واختلف في استثناء الأكثر حتى يبقى أقل من النصف، وفي استثناء المساوي حتى يبقى نصف المستثنى منه: فاختار أئمتنا $ والجمهور: (أنه يصح استثناء) المساوي حتى يبقى نصف المستثنى منه، واستثناء (الأكثر) حتى يبقى أقل من النصف؛ لوقوع ذلك، وأنه دليل الجواز، وذلك في قوله تعالى:
  {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ٤٢}[الحجر]، وهم أكثر من غيرهم؛ لقوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ(١) ١٠٣}[يوسف]، {وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ١٧}[الأعراف]، {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[الأنعام ١١٦].
  وفي قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ}[الأنعام ١٤٦]، يريد ما كان على الظهر والجنوب، وشحم الألية، وما اشتملت عليه الحوايا من الشحم، وهي المباعر من الأمعاء، فهذه مستثناة من الشحوم، وهي أكثر الشحوم كما ترى.
  وفي قوله ÷ فيما رواه عن رب العزة واسع العطاء - تبارك وتعالى -، رواه مسلم وغيره عن أبي ذر ¦: «يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم»، ولا شك أن من أطعمه الله أكثر.
[الاستثناء من النفي إثبات والعكس]
  (و) مختار أصحابنا والشافعية والجم الغفير من غيرهم: (أنه) أي: الاستثناء (من النفي إثبات) لما استثني، نحو: «ليس عندي عشرة إلا درهماً»، فهو إثبات للدرهم، خلافاً للحنفية، فإنه عندهم مخرج مما قبله غير محكوم عليه بالثبوت لا لفظاً ولا معنى: أما اللفظ فلعدم ما يدل عليه على هذا التقدير، وأما المعنى فلأن الأصل عدمه.
(١) إذ معناه الحكم على أكثر الناس بعدم الإيمان على أنها موجبة معدولة المحمول أو سالبة المحمول؛ إذ لو أريد سلب الحكم بإيمان الأكثر بحيث يحتمل التساوي لم يكن لذكر الأكثر فائدة، ذكره سعد الدين.