[الاستثناء من النفي إثبات والعكس]
  قلنا: المعتمد في دلالات الألفاظ هو النقل عن أهل اللغة، والمنقول عنهم أنه كذلك(١)، وأيضاً لو لم يكن كذلك لم يكن لا إله إلا الله توحيداً، واللازم باطل بالإجماع.
  بيان الملازمة: أنه إنما يتم التوحيد بإثبات الإلهية لله تعالى ونفيها عما سواه، فلو لم يكن من النفي إثباتاً وتكلم بها منكر الصانع - جل وعلا - لما نافت معتقده، ولا تم بها إسلامه.
  وأجيب بمنع الدليل الأول والثاني بأن ثبوت التوحيد بكلمته إنما ثبت بعرف الشرع(٢)، وبه يندفع تشكيك الرازي من أن المقدر في كلمة التوحيد لو كان الموجود لم يلزم عدم إمكان الثاني، ولو كان الممكن لم يلزم منه وجود ذاته تعالى، بل اللازم إمكانه.
  وكذا دلالة: ليس علي إلا سبعة في المفرغ(٣) بالعرف لا باللغة.
  فإن قيل: لو كان كما ذكرتم(٤) لَلَزِمَ من قوله ÷ فيما رواه الطبراني في المعجم الكبير والأوسط من حديث عيسى بن سبرة عن أبيه عن جده مرفوعاً: «لا صلاة إلا بوضوء» ثُبُوتُ الصلاة بمجرد الوضوء، وأنه باطل بالاتفاق.
  أجيب: بأن ذلك مبالغة، فلا يصح أن يكون الحصر فيه حقيقياً تحقيقياً، وإنما يكون من الحقيقي الادعائي؛ وذلك لأن الوضوء لما كان أمره متأكداً جعلت سائر الشروط بمنزلة العدم كأنه لا شرط لها غيره.
  وعموم الوسع(٥) في قوله تعالى: {(٦) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]،
(١) أي: أنه من النفي إثبات ومن الإثبات نفي.
(٢) أي: لا بالوضع اللغوي.
(٣) على ثبوت السبعة.
(٤) أن الاستثناء من النفي يفيد الإثبات.
(٥) جواب سؤال مقدر تقديره: لو كان كما ذكرتم لَلَزِم من قوله تعالى: {لا يكلف الله ..} الآية أن يكلف كل نفس جميع وسعها؛ لأنه جنس مضاف فيعم. أجيب بأن عموم ... إلخ.
(٦) أي: ولو كان من النفي إثباتاً لزم أن تكلف كل نفس بجميع وسعها لأن وسعاً جنس مضاف =