شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[حكم تعدد الاستثناء]

صفحة 120 - الجزء 2

[حكم تعدد الاستثناء]

  (و) اعلم أنه إذا تعدد الاستثناء بغير عطف وأمكن استثناء كل تالٍ من متلوه مثل: «جاءني المكيون إلا قريشاً إلا هاشماً إلا عقيلاً»، و «علي عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إلا واحداً» تعين عند البصريين والكسائي⁣(⁣١). وكل وتر⁣(⁣٢) من المستثنيات كالأول والثالث والخامس منفيٌّ خارج، وكلُّ شفع منها كالثاني والرابع والسادس مثبتٌ داخلٌ إن كان الاستثناء من الموجب كما مثلنا، فيكون قد جاءك المكِّيون غير قريش مع بني هاشم إلا عقيلاً، ويلزمك بالإقرار سبعة؛ لأنك أخرجت خمسة من العشرة فبقي خمسة، فأدخلت معها ثلاثة صارت ثمانية، ثم أخرجت منها واحداً فيكون الباقي سبعة.

  وإن كان من غير الموجب فبالعكس، أي: فكل وتر مثبت داخل، وكل شفع منفي خارج، فإذا قلت: «ما جاءني المكيون إلا قريش إلا هاشماً إلا عقيلاً» فقد جاءك من المكيين جميع قريش مع عقيل إلا هاشماً، وإذا قلت: «ما له علي عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إلا واحداً» لزمك بالإقرار ثلاثة؛ لأنك أثبت بالاستثناء الأول خمسة، وأخرجت منها ثلاثة وبقي⁣(⁣٣) اثنان، وضممت إليهما واحداً، فيكون الباقي ثلاثة.

  وإن كانت الاستثناءات متعاطفة أو لم يمكن الاستثناء من المتلو بأن تستغرقه تعين الاستثناء من الأول - وهو المذكور قبلها - مع إمكان رجوع الجميع إليه بأن لا تكون متسغرقة له، وإلا بطل ما وقع به الاستغراق.

  أما المتعاطفة فلأن العطف يقتضي التشريك، ولما كان الاستثناء الأول راجعاً إلى المذكور قبله كان ما بعده كذلك؛ لتحصل فائدة العطف.


(١) وقال بعض النحاة: تعود المستثنيات كلها إلى المذكور أولاً إن لم تستغرقه وإلا بطل ما وقع به الاستغراق، وقال بعضهم باحتمال الأمرين، فيعمل في الإقرار باليقين ويلغى المحتمل.

(٢) أي: وعلى هذا المذهب - وهو كون كل تال من متلوه - يصير كل وتر ... إلخ.

(٣) «فبقي». غاية.