شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الاستثناء من النفي إثبات والعكس]

صفحة 119 - الجزء 2

  منتف بالإجماع⁣(⁣١)، وأصل الإثبات⁣(⁣٢) باق⁣(⁣٣) في الباقي، على أن ابن أبي النجم⁣(⁣٤) حكى عن هبة الله⁣(⁣٥) المفسر القول بموجب الآية ولكنها نسخت بقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة ١٨٥].

  (و) كذا (العكس) وهو أنه من الإثبات نفي. والمشهور من كلام غير الحنفية موافقتهم للجمهور هنا، والمذكور في كتبهم أنه ليس من النفي إثباتاً ولا من الإثبات نفياً، وإنما هو تكلُّم بالباقي بعد الاستثناء⁣(⁣٦)، والاستثناء لمجرد الإعلام بعدم التعرض للمستثنى، والسكوت عنه، ففي مثل: «علي عشرة إلا ثلاثة» إنما لم تثبت الثلاثة بحكم البراءة الأصلية، لا بدلالة الكلام، وفي مثل: «ليس لي إلا سبعة» إنما تثبت السبعة بحسب العرف، لا بحسب دلالة الكلام، وكلمة التوحيد يحصل بها التوحيد والإيمان من المشرك ومن القائل بنفي الصانع بحسب عرف الشارع.


= فكان عاماً فيصير التقدير: لا يكلف الله نفساً بشيء إلا بكل ما تسعه فإنها مكلفة.

(١) لأن الإجماع قائم على عدم عموم الجنس المضاف هنا؛ إذ لا تكلف بكل ما في وسعها، إذ في وسعها القدرة على صلوات لم تكلف بها، فلا تتم الملازمة، أي: قولهم: لو اقتضى الإثبات لزم عموم الوسع.

(٢) قوله: وأصل الإثبات باق، أي: إثبات ما بعد الاستثناء باق لم يعارضه الإجماع؛ لأن الإجماع إنما عارض العموم، وقوله: في الباقي، أي: من العموم بعد الاستثناء وهو الوسع الواقع عليه التكليف.

(٣) «بإلا». نخ.

(٤) هو القاضي العلامة الفاضل المحدث الفقيه: عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حمزة أبي النجم الصعدي، ولد ونشأ بمدينة صعدة، ولي القضاء في زمن الإمام عبد الله بن حمزة # وهو مؤلف كتاب درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية، وله كتاب التبيان في الناسخ والمنسوخ من القرآن وتوفي سنة ٦٤٧ هـ.

(٥) هو هبة الله بن سلامة بن نصر بن علي البغدادي، ولد في بغداد وكان ضريرًا، من مصنفاته تفسير القرآن والناسخ والمنسوخ في القرآن وغيرهما توفي في شهر رجب سنة ٤١٠ هـ.

(٦) ومعناه أنه أخرج المستثنى (*) وحكم على الباقي، ولا حكم في الكلام على المستثنى. شرح غاية.

(*) وعبارة العضد: أنه أخرج المستثنى.