[حكم تعدد المستثنى منه]
  فقط إن جمع الحكم المتعدد غرض، نحو: «سلم على ربيعة وأكرم ربيعة إلا الطوال»، فإن الحكمين يجمعهما الإعظام، أو(١) أضمر الاسم، نحو: «أكرم ربيعة واستأجرهم إلا من قام»، أو اختلفت اسماً فقط مع إضمار الحكم، نحو: «أكرم بني تميم وربيعة إلا من قام»؛ فإن الاشتراك(٢) والإضمار لا دلالة معهما على استيفاء الغرض من الكلام الأول، فيعود الاستثناء إلى الجميع.
  وقالت الحنفية: إنه يعود إلى الأخيرة؛ محتجين بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا}[النور].
  وتقريره: أن الاستثناء لو وجب رجوعه إلى جميع الجمل المجموع بينها بحرف العطف لرجع: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا}[البقرة ١٦٠] إلى الجميع، لكنه لا يرجع إلى الجميع بالاتفاق(٣) على عدم سقوط الجلد بالتوبة.
  قلنا: العاطف يصير الكلامين كالواحد(٤)، فكما أن الاستثناء في قولك: «جاءني الزيدون من ربيعة ومضر إلا الطوال» يعود إلى الجميع فكذلك في: «أكرم ربيعة واستأجرهم إلا الطوال».
  وأما الآية فلا نسلم الاتفاق على عدم رجوع الاستثناء فيها إلى الجمل الثلاث جميعاً؛ لأن المستثنى هو: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا}[البقرة ١٦٠]، ومن جملة الإصلاح الاستحلال وطلب عفو المقذوف، وعند وقوع ذلك يسقط الجلد، فيصح صرف الاستثناء إلى الكل.
= ليس على أصله من الدلالة على المفاعلة، بل هو بمعنى فعَّل، وهو التكثير. والله سبحانه أعلم.
(١) عطف على قوله: «إن جمع المتعدد غرض».
(٢) في الغرض.
(٣) «للاتفاق». غاية. وكأنها أولى وكذا كل ما ننقله من الغاية.
(٤) بيان ذلك أن واو العطف في المختلفات (نحو: زيد وعمرو وبكر) تقوم مقام واو الجمع في الأسماء المتماثلات (نحو: الزيدون) فكما ... الخ.