[حكم تعدد المستثنى منه]
  ولو سلم(١) أن المستثنى هو {الَّذِينَ تَابُوا} خاصة فلا يلزم من ظهوره للجميع العود(٢) دائماً، بل قد يصرف عنه لدليل، وهاهنا كذلك، فإن الجلد حق لآدمي فلا يسقط بالتوبة، وإنما يسقط بإسقاط المستحق قبل الرفع؛ لقوله ÷: «تعافوا الحدود فيما بينكم، فما رفع إلي وجب»، أو كما قال.
  ولذا قلنا: (إلا لقرينة) تصرفه عن الظاهر، وتقتضي عوده إلى البعض: متعيناً كما في الآية، وكما في العطف بـ «لا» أو «بل» أو «لكن»، أو غير متعين كـ «أو وأما وأم»؛ لأنها لأحد الشيئين أو الأشياء مبهماً كما قرر في موضعه من النحو.
  ومن قرائن عوده إلى الأخيرة أن تختلف الجملتان نوعاً(٣) وقصة(٤)، نحو: «اضرب بني تميم، والفقهاء هم أصحاب أبي حنيفة إلا أهل البلد الفلاني»؛ إذ لا شيء أدل على اسيتفاء الغرض بالكلام من العدول عنه إلى قصة أخرى ونوع آخر، وفي رجوع الاستثناء إليه(٥) نقض للقول بأن المتكلم قد استوفى غرضه منه.
  ومنها: أن يتحدا نوعاً ويختلفا اسماً وحكماً، نحو: «اضرب بني تميم وأكرم ربيعة إلا الطوال»، فإن استقلال كل واحد من الكلامين ومباينته للآخر مفيد للإضراب.
  [ومنها: أن يختلفا حكماً فقط من غير إضمار للاسم، والاسمان(٦) لا يشتركان في غرض من الأغراض، نحو: «سلم على بني تميم واستأجر بني تميم إلا الطوال»](٧).
(١) أي: الاتفاق بناء على أن ... الخ.
(٢) «إليه». هداية.
(٣) أي: خبرًا وإنشاءً.
(٤) لعل قوله: «وقصة» يدخل فيها الاختلاف في الحكم والاسم كما هو مقتضى المثال، فيكون قد حصل الاختلاف في النوع والاسم والحكم. سيلان.
(٥) أي: الأول.
(٦) «والحكمان». شرح غاية.
(٧) ما بين المعكوفين في نخ.