شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[ما أدخل في المخصص المنفصل وليس منه]

صفحة 133 - الجزء 2

  لا لقصر الخطاب عليه، وأيضاً فإن عرفان السبب والدِّرْية به مُسْتَرْوَحٌ إليه، وله في النفس نوع تمكن.

[ما أدخل في المخصص المنفصل وليس منه]

  (و) لما فرغ من بيان المخصصات المتصلة والمنفصلة أراد أن يبين ما أدخل في المخصص المنفصل وليس منه، فمنها: مذهب الصحابي، نحو حديث: «لا يحتكر إلا خاطئ» رواه مسلم من حديث سعيد بن المسيب⁣(⁣١)، عن معمر بن عبدالله، عن النبي ÷، وكان سعيد يحتكر الزيت، فقيل له فقال: إن معمراً راوي الحديث كان يحتكره⁣(⁣٢).

  فقال أئمتنا $ والجمهور: إنه (لا يخصص العام) من الحديث بمذهب الصحابي مطلقاً⁣(⁣٣)، ولا (بمذهب راويه) مطلقاً⁣(⁣٤)؛ لأن مذهبه ليس بحجة، والعموم حجة، فلا يجوز تخصيص هذا بذاك، وإلا كان تركاً للدليل لغير دليل، وأنه غير جائز.

  وقالت الحنفية والحنابلة: يجوز التخصيص بمذهب الصحابي مطلقاً، وقال في فصول البدائع وصححه لمذهب الحنفية: إنه يجوز التخصيص به⁣(⁣٥) إن كان العامل بخلاف العام هو الراوي؛ لأن مخالفة الصحابي للعام تستلزم دليلاً وإلا وجب تفسيقه بالمخالفة، وهو خلاف الإجماع؛ فيعتبر ذلك الدليل وإن لم يكن معروفاً⁣(⁣٦).


(١) «عن المسيب» نخ.

(٢) ومثله ما روي أن ابن عباس روى عن النبي ÷: «من بدل دينه فاقتلوه» وكان يذهب إلى أن المرتدة لا تقتل.

(٣) سواء كان راوٍ أو غيره.

(٤) سواء كان صحابيًّا أو غيره.

(٥) أي: بمذهب الصحابي.

(٦) بعينه.