[الخطاب الوارد على سبب هل يقصر على سببه]
  لأن السبب لا يغير وصفه فلا يغير فائدته، ولاعتبار السلف من الصحابة ومن بعدهم العمومَ مع انبنائه على أسباب خاصة من غير نكير من أحد، ولو كان السبب الخاص مسقطاً للعموم لكان إجماع الأمة على التعميم على خلاف الدليل، وهو باطل، وذلك كما في آية السرقة، فإنه روى الكلبي أنها نزلت في طعمة(١) بن أبيرق سارق الدرع، ذكره الواحدي، أو في سارق المجن(٢) أو رداء صفوان.
  وكما في آية الظهار، فإنها نزلت في خولة أو خويلة بنت ثعلبة حين ظاهر منها زوجها أوس بن الصامت.
  وكما في آية اللعان، فإنها نزلت في هلال بن أمية، وقصته مشهورة.
  وكما في آية الزنا: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ..} الآية [النور ٣]، فإنها نزلت في عناق وأبي مِرْثد الغنوي لما استأذن رسول الله ÷ في نكاح عناق، وكانت خليلة له في الجاهلية، رواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
  إلا أنه نصٌّ في السبب لا يجوز تخصيصه(٣)، ظاهر في غيره فيخصص بدليله(٤). فنقل السبب واشتغال العلماء بضبطه وتدوينه في الكتب لذلك(٥)،
(١) مثلث الطاء بالضم والفتح والكسر.
(٢) المجن: الترس. قاموس
(٣) أي: لا يجوز إخراجه من العام.
(٤) وتحرير محل النزاع لا يعرف إلا بالفرق بين عبارات ثلاث، وهي: التخصيص بالسبب، والتخصيص مع السبب، والتخصيص للسبب؛ أما الأولى: فمعناها قصر الحكم على سببه، وهو محل النزاع، وقد أفادها متن الكتاب، وأما الثانية فمعناها: تخصيص العموم مع وروده على سبب، ولا نزاع فيه. وأما الثالثة: فمعناها: إِمَّا إخراج السبب من الحكم، ولا نزاع في عدم جوازه، وإِمَّا الإخراج منه بأن كان عاماً وخص، نحو أن يقال: هل يتطهر بالماء الذي يلقى فيه القذر؟ فيقال: خلق الماء طهور لا ينجسه إلا ما غير ريحه أو لونه أو طعمه، ولا شك أن السبب - أعني الماء الذي يلقى فيه القذر - قد أخرج منه بعضه وهو المتغير، ولا نزاع فيه أيضاً. اهـ
(٥) أي: لأنه ظاهر في غير السبب فيخصص بدليله.