شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[ما أدخل في المخصص المنفصل وليس منه]

صفحة 135 - الجزء 2

  الغالب في البلد بعد كونه فيها لكل⁣(⁣١) نقد.

  قلنا: المخصص إنما هو غلبة الاسم لا غلبة العادة⁣(⁣٢) فافترقا.

  (و) منها: أنه إذا ورد الخطاب مركباً من شيئين أحدهما معطوف على الآخر، هل يجب إذا ظهر في الأول شيء أن يضمر في الثاني إذا لم يظهر أو لا؟

  ثم إذا وجب ذلك وكان المضمر في الثاني مخصصاً بشيء، فهل يجب أن يكون المظهر في الأول مخصصاً بذلك الشيء أو لا؟

  مثل ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن قيس⁣(⁣٣) بن عباد قال: انطلقت أنا والأشتر إلى علي، فقلنا: هل عهد إليك نبي الله شيئاً لم يعهده إلى الناس عامة؟ فقال: (لا، إلا ما كان في كتابي هذا)، فأخرج إلينا كتاباً من قراب سيفه فإذا فيه: «المؤمنون تتكافى⁣(⁣٤) دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده».

  فذهب أصحابنا والشافعية إلى أنه (لا) يخصص العام (بتقدير ما أضمر في المعطوف مع العام المعطوف عليه)، فاستدلوا بقوله: «لا يقتل مؤمن بكافر» على أن المسلم لا يقتل بالذمي؛ لأن لفظ الكافر وقع منكّراً في سياق النفي.

  وقالت الحنفية: تجب المساواة بين المعطوف والمعطوف عليه؛ فيجب أن يقدر في المعطوف كافر كالمعطوف عليه، فيكون على التقدير⁣(⁣٥) ولا ذو عهد في عهده بكافر.


(١) أي: في اللغة وهو الأظهر، وإن كان يصح رجوع الضمير إلى البلد لكنه ضعيف. شرح غاية.

(٢) أي: التخصيص بالعرف إنما كان لغلبة الاسم في الخاص عرفاً، وأما العادة فهي غالبة في تناوله لا في غلبة الاسم عليه، أما لو فرضنا غلبة لفظ الطعام على البر في عرف المتخاطبين لاختص الحكم بالبر.

(٣) قيس بن عباد الضبعي من ثقات التابعين ومن كبار صالحيهم قدم المدينة في خلافة عمر وروى الحديث وسكن البصرة وخرج مع ابن الأشعث فقتله الحجاج صبرًا سنة ١٢٠ هـ.

(٤) معنى «تتكافأ دماؤهم»: تتماثل في القصاص، من الكفو، وهو المثل، لا فضل لشريف على وضيع. والذمة: العهد، والمراد بأدناهم: أحقرهم، وقيل: العبد والمرأة إذا أعطى أماناً فليس للباقين نقضه.

(٥) أي: على أن التقدير في المعطوف بكافر.