شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[ما أدخل في المخصص المنفصل وليس منه]

صفحة 136 - الجزء 2

  قالوا: ومما يقوي أن المراد عدم قتله بالكافر أن تحريم قتل المعاهد معلوم لا يحتاج إلى بيان، وإلا لم يكن للعهد فائدة، ثم إن الكافر الذي لا يقتل به المعاهد هو الحربي؛ لأن الإجماع قائم على قتله⁣(⁣١) بمثله وبالذمي؛ فيجب أن يضمر في المعطوف قيد حربي.

  قالوا: وإذا أضمر وجب أن يكون الكافر الأول الذي لا يقتل به المسلم أيضاً هو الحربي؛ تسوية بين المعطوف والمعطوف عليه.

  قلنا: المقدر كالملفوظ، فإن النبي ÷ لو قال: «لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده بكافر»، ثم علمنا بدلالة أن الآخر مخصوص بالحربي لم يجب أن يكون الأول كذلك، ولا نسلم أن في الحديث تقديراً؛ لأن قوله: «ولا ذو عهد في عهده» كلام تام فلا يحتاج إلى إضمار، لأن الإضمار خلاف الأصل، فلا يصار إليه لغير ضرورة، فيكون نهياً عن قتل المعاهد. ولا نسلم أن تحريم قتل المعاهد معلوم لا يحتاج إلى بيان؛ لأنه إنما يعلم من جهة الشرع، وإلا فإن ظاهر العمومات يقتضي جوازه. وفائدة قوله: «في عهده» دفع ما عسى أن يتوهم من أن المعاهد لا يقتل وإن خرج من عهده.

  ولو سلم تقدير الكافر في الثاني فلا نسلم استلزام تخصيصه بالحربي تخصيص الأول به، فإن مقتضى العطف مطلق الاشتراك، لا الاشتراك من كل الوجوه.

  وبما ذكرنا يظهر أن عبارة المصنف ليست كما ينبغي؛ لأن ظاهرها يقضي بوقوع الإضمار والتقدير، لكن لا يخصص به، وليس كذلك، فإنا لا نسلم أن هناك تقديراً؛ فلا إضمار؛ فلا تخصيص⁣(⁣٢)، إلا أن يجعل من باب لم يتأمل ليَعْلَم⁣(⁣٣). ومثل عبارته في المنهاج.


(١) أي: المعاهد.

(٢) أي: في الأول.

(٣) أي: فيكون ذكر الماتن للإضمار والتقدير من ذلك الباب، أي: فإذا انتفى التخصيص فقد انتفى التقدير والإضمار.