[حكم تعارض العمومين]
  أهل الذمة وقطع كل سارق(١) وجلد كل زان.
  والعام المخصوص مطلقاً(٢) أكثر من أن يحصى.
  ومَنَعه شذوذ مطلقاً، أما في الخبر فلأنه كذب؛ لأنه ينفى فيصدق نفيه فلا يصدق هو، وإلا صدق النفي والإثبات معاً، وهو محال، فقولُك: «جاءني كل من في البلد» وقد تخلف بعضهم - كذبٌ؛ لصدق: «ما جاءني كل من في البلد». وأما في الإنشاء فللزوم ظهور المصلحة بعد خفائها.
  قلنا: صدق النفي إنما هو بقيد العموم لا مطلقاً، والإثبات إنما هو بقيد الخصوص، فلم يتوارد الإثبات والنفي على شيء واحد، فكانا جميعاً صادقين، وإنما يلزم(٣) البداء لو أريد العموم ابتداء، لكنه لم يرد من أول الأمر، وإنما أريد به الباقي بعد التخصيص.
[حكم تعارض العمومين]
  (ولا يصح تعارض العمومين) قطعييَّ المتن والدلالة (في) حكم (قطعي) اتفاقاً بين العقلاء، كما لا يصح تعارض غيرهما فيه؛ فلا وجه لتخصيصهما ولا لذكره هنا.
  فلا يصح؛ لأنهما لو تعارضا لزم حقية مقتضاهما؛ فيلزم وقوع المتنافيين وهو محال، ولا يمكن الرجوع إلى الترجيح؛ لأنه فرع التفاوت في احتمال النقيضين، وذلك لا يتصور في القطعي.
  وأما إذا تعارضا(٤) في ظني فيصح ويرجع إلى الترجيح، فيعمل بالحاصل فيه أحد وجوهه الآتية إن شاء الله تعالى.
(١) لخروج مثل سارق بيت المال، ومثل من يسرق المشترك بين السارق وغيره، وكذلك الجلد لخروج وطء أمة الابن والأمة المشتركة، فهذه الأشياء مخصصة.
(٢) في الخبر والإنشاء.
(٣) جواب عن قول من قال: لا يجوز تخصيص الإنشاء لأنه يلزم البداء.
(٤) أي: العمومين من حيث هما.