شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[حمل المطلق على المقيد]

صفحة 144 - الجزء 2

  وإلا طلب⁣(⁣١) الترجيح إن أمكن، وإلا تساقطا وبقي المطلق على إطلاقه.

  وإن اختلفا حكماً نحو: «اكس تميمياً وأطعم تميمياً عالماً» فإنه (لا) يحمل المطلق على المقيد (في حكمين مختلفين) من جنسين كما مثلنا (اتفاقاً) بين العلماء؛ لعدم المنافاة في الجمع بينهما، سواء اختلف سببهما كتقييد صيام القتل بالتتابع وإطلاق إطعام⁣(⁣٢) الظهار، أو لم يختلف كتقييد صوم الظهار وعتقه بما قبل⁣(⁣٣) المسيس وإطلاق إطعامه، إلا⁣(⁣٤) إذا استلزم حكم المطلق بالاقتضاء⁣(⁣٥) أمراً ينافيه حكم المقيد - نحو: «اعتق عني رقبة»، مع: «لا تملكني رقبة كافرة» - فإنه يجب تقييد المطلق بنفي الكفر⁣(⁣٦).

  و (إلا) إذا كان هناك علة جامعة فإنه يجب إلحاق المطلق بالمقيد (قياساً) أي: لأجل القياس؛ لأنه أحد طرق الشرع المقررة، وذلك كقياس التيمم المطلق في قوله تعالى: {بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ}⁣[المائدة: ٦] على الوضوء المقيد بالمرافق في قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}⁣[المائدة: ٦]، عند أئمتنا $ وجمهور غيرهم كما سبق.


(١) بين المقيدين وحمل المطلق على الراجح.

(٢) أي: كفارته.

(٣) خلاف مختار أهل المذهب في الفروع.

(٤) هذا مستثنى من قوله: «لا يحمل المطلق على المقيد في حكمين مختلفين».

(٥) أي: بدلالة الاقتضاء ووجه الاقتضاء: أنه لا يصح العتق عن الآمر إلا بعد تمليكه المعتق تمليكاً ضمنياً وقد نهاه عن تمليك الكافرة فتلازما في كون المأمور بعتقه والمأمور بتمليكه غير كافرة.

(٦) لأنه بقوله: «اعتق عني رقبة» كأنه قال: «ملكني رقبة ثم أعتقها عني»؛ إذ العتق يقتضي الملك إذ لا عتق قبل ملك فلما قال: «لا تملكني رقبة كافرة» علمنا بذلك أن الأمر بالإعتاق المقتضي للملك إنما هو للمؤمنة على أنه يرجع إلى متحد الحكم كما لا يخفى، أما إذا لم يستلزم المنافاة نحو: «اعتق عني رقبة مؤمنة» مع: «لا تملكني رقبة كافرة» فظاهر في أن المراد بهما واحد لكنهما في المثال الأخير مقيدان وإنما لم يقل: تقييده بالإيمان إشارة إلى أن معنى حمل المطلق على المقيد تقييده بذلك بحسب مقتضى الحال إثباتاً أو نفياً. اهـ