شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[المجمل]

صفحة 147 - الجزء 2

[الباب السابع في المجمل والمبين والظاهر والمؤول]

  (الباب السابع) من أبواب الكتاب (في المجمل والمبين والظاهر والمؤول)

[المجمل]

  (المجمل) لغة: المبهم، من قولهم: أجْمَل الأمر، أي: أبهمه. والمجموع، من قولهم: أجمل الحساب إذا جمعه، ومنه: المجمل في مقابلة المفصل، وأصله من الجمل بمعنى الجمع.

  واصطلاحاً: (ما لا يفهم المراد به(⁣١)) متعلق بـ «المراد» أو بـ «يفهم» على سبيل التنازع (تفصيلاً(⁣٢)) فـ «ما»: كالجنس، واختاره على: «لفظ» لكونه أخصر وأفيد؛ لشموله الأفعال، فإنه يكون فيها كما يكون في الألفاظ، كقيام النبي ÷ من الركعة الثانية من غير جلوس للتشهد الأوسط؛ لتردده بين التعمد الدال على ارتفاع شرعية الجلسة الوسطى وبين السهو الذي لا دلالة له على ذلك.

  وقوله: «المراد» يخرج المهمل؛ لأنه لم يرد به شيء لا جملة ولا تفصيلاً، وفيه دلالة على أن مدلوله⁣(⁣٣) مراد في الجملة.

  وقوله: «تفصيلًا» لإخراج المبين، على الأكثر من توجه النفي إلى القيد، أي: ما لا يفهم تفصيل المراد به، على نحو: «لم أضربه إهانة».

  والإجمال⁣(⁣٤): إما لإعلالٍ كالمختار المتردد بين الفاعل والمفعول⁣(⁣٥) بسبب


(١) قوله: «به» صلة لـ «يفهم» لا للمراد؛ إذ لو كان صلة للمراد لم يصدق على الحد شيء من أفراد المجمل؛ لأنه يفهم بالبيان ما أريد منه تفصيلا. ذكر ذلك صاحب القسطاس.

(٢) كـ {أَقِيمُوا الصَّلاةَ}⁣[الأنعام ٧٢] فإن العرب كانت لا تفهم من الصلاة إلا الدعاء، وأراد الشارع بها هنا غير الوضع الأصلي، وأجمله حيث لم يبين مراده في اللفظ، بل بينه بفعله ÷ حيث قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي». معيار وشرحه للسيد داود.

(٣) أي: المجمل.

(٤) يكون لواحد من أمور خمسة ذكرها المصنف.

(٥) وتتميز بحروف الجر تقول في الفاعل: مختار لكذا، أو في المفعول مختار من كذا.