[عدم جواز تأخير البيان والتخصيص عن وقت الحاجة]
  مطلقاً؛ لأنه يستلزم العبث في المجمل، والتلبيس في الظاهر.
  بيانه: أن الخطابَ بالمجمل من دون بيان خطابٌ بما لا يستفاد منه شيءٌ أصلاً، وذلك ظاهر في العبثية، وأن الخطاب بالعام يستفاد منه شموله، فلو أريد به بعض ما تناوله دون البعض الآخر من دون بيان للمراد لكان تلبيساً؛ لاعتقاد المخاطب شموله وهو غير شامل، وذلك قبيح لا يجوز.
  وأجيب: بمنع العبثية؛ فإن الإجمال كثيراً ما يقصد لغرض صحيح، ولذلك وجه المفسرون تقديم الإجمال في قصة أم كُحَّة(١) وتأخير التبيين بأن الفطام عن المألوف شديد، والتدرج في الأمور من دأب الحكيم.
  وبمنع التلبيس؛ فإن العلم بجواز تأخير التخصيص إلى وقت العمل يمنع من الإقدام على اعتقاد استغراق العام عند سماعه، بل الشك يمنع من ذلك، فكيف إذا ظن ورود المخصص من بعد لأمارة، وهي كثرة التخصيصات كما سبق.
  وقيل: يجوز مطلقاً؛ للوقوع كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  وأشار المصنف إلى أن المختار عنده ما حكاه في المنهاج والجوهرة وشرحها للدواري والهداية عن بعضهم من التفصيل بقوله: (فالمختار جواز ذلك) أي: تأخير بيان المجمل وتخصيص العام وتقييد المطلق (في الأمر والنهي)؛ لأنهما إنشاء فلا يحمل سامعهما على اعتقاد جهل، فجاز الخطاب بهما وإن لم يبين.
  وأيضاً فإنه قد وقع والوقوع فرع الجواز، كآية الصلاة والزكاة، فإن: {أَقِيمُوا الصَّلاةَ}[الأنعام ٧٢] ظاهر في مطلق الدعاء ولم يرد باتفاق، ولم يقترن به البيان، بل أخر بيان أفعال الصلاة وأوقاتها إلى أن بين لجبريل #، ثم بينه جبريل # للنبي ÷، ثم بينه النبي ÷ لغيره من المكلفين.
= العلماء لا يخالف فيه إلا من يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. والخلاف في جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب لجميع العلماء على ستة أقوال قد ذكرنا منها ثلاثة مذاهب والبقية في المطولات كالهداية، فتأمل. منه.
(١) ستأتي قصة أم كحة قريبا.