[جواز النسخ والرد على من منعه]
  ووقوعه أيضاً، فإنه جاء في التوراة أن آدم # أمر بتزويج بناته من بنيه بلفظ العموم على سبيل التوزيع(١)، من غير تخصيص بزمن دون آخر(٢)، ثم جاء التحريم اتفاقاً، وهو النسخ.
  وفيها - أيضاً -: أن الله تعالى أوحى إلى نوح # إني جعلت كل دابة مأكولة(٣) لك ولذريتك، وأطلقت لك ذلك كنبات العشب، إلا الدم فلا تأكلوه(٤).
  ولقوله: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}[البقرة ١٠٦]، وهي ظاهرة في الوقوع؛ فإن(٥) سبب النزول يدل على الوقوع.
  قال المفسرون: إن المشركين قالوا: ألا ترون إلى محمد، يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه، ويقول اليوم قولاً ويرجع عنه غداً؟ ما هذا القرآن إلا كلام محمد يقوله من تلقاء نفسه، وهو كلام يناقض بعضه بعضاً، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
  وأنزل - أيضاً -: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ}[النحل ١٠١]، لأن «إذا» لا تدخل إلا على المتحقق وقوعه(٦).
  وللإجماع على أن شريعتنا المطهرة ناسخة لجميع الشرائع المتقدمة، إما في جميع أحكامها وإما في بعضها، بل ذلك معلوم من دين النبي ÷ ضرورة.
(١) التوزيع تزويج توأمة أحد البطنين توأم البطن الآخر.
(٢) ولا تقييد بوقت دون وقت.
(٣) في شفاء الأوام «مأكلًا» وكذلك في المحصول للرازي وكذلك في مقدمة البحر الزخار.
(٤) ثم قد حرم الله على موسى # وعلى بني إسرائيل كثيرًا من الحيوانات. محصول.
(٥) جواب سؤال مقدر تقديره فإن قيل: إنها جملة شرطية، وصدقها لا يتوقف على صدق الطرفين كقوله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}[الزخرف ٨١]، قلنا: بل هي ظاهرة في الوقوع فإن سبب النزول ... إلخ.
(٦) أي: فالآية خالية من الاعتراض الذي في الآية الأخرى.