[النسخ بلا إشعار عند ابتدأ التكليف بالمنسوخ]
  ولنسخ وجوب التوجه إلى بيت المقدس، فإنه كان ثابتاً بالإجماع، فنسخ بوجوب التوجه إلى الكعبة(١). ونسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان، ووجوب تقديم الصدقة بين يدي مناجاة الرسول ÷، ووجوب التربص حولاً كاملاً في حق المتوفى عنها زوجها بأربعة أشهر وعشر، ووجوب ثبات الواحد للعشرة.
[النسخ بلا إشعار عند ابتدأ التكليف بالمنسوخ]
  ولا خلاف يعلم بين القائلين به في جوازه مع الإشعار من الشارع بالنسخ عند ابتداء التكليف بالمنسوخ.
  واختلفوا في جوازه في العملي(٢) بدون إشعار غير مجرد اعتياد الشارع للنسخ، فقال الإمام يحيى بن المُحَسِّن # وابن الملاحمي والشيخ الحسن وأبو الحسين(٣) - وهو أول من أحدث هذا القول -: إنه لا يجوز بدونه، والظاهر الدوام، فلو لم يكن إشعار لكان قد لبس على المكلف، وحمله على اعتقاد دوامه، وهو جهل لا يجوز من الله تعالى الإغراء به.
  ومختار أكثر أئمتنا $ أنه يجوز (وإن لم يقع) من الشارع (الإشعار به أولاً)؛ لوقوعه، فإن أكثر النسخ بدونه، ولا يسلمون الظهور في الدوام، فإذا اعتقد دوامه فقد أتي من قبل نفسه لا من قِبَل الله تعالى.
(١) قيل: ومن ذلك نسخ الوصية للأقربين، فإنها كانت واجبة لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ}[البقرة ١٨٠]، ثم نسخت إجماعاً، إما بآية المواريث: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ}[النساء ١١]، وإما بقوله تعالى: {مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء ١٢]، وإما بقوله ÷: «لا وصية لوارث»، ويمكن أن يقال: الظاهر عدم النسخ؛ أما بالآيتين فلإمكان الجمع، وأما بالخبر فالظاهر عدم كونه معلوماً فلا نسخ، على أنه يمكن الحمل على التخصيص.
(٢) وفيه ما أشرنا إليه في بحث التقليد والحاشية من أنه لا يعقل عملي بدون علمي.
(٣) وكذا مذهبه في تخصيص العام وتقييد المطلق وبيان المجمل.