[نسخ ما قيد بالتأبيد]
  قلنا: نسخ الوجوب المؤبد يستلزم اجتماع الحسن(١) والقبح في زمن ولو في بعض أزمنة الأبد(٢)، بخلاف نسخ الفعل المؤبد؛ لاحتمال أن يكون زمن الوجوب(٣) غير زمن الفعل(٤).
  فإن قيل: تقييد الفعل بالأبدية لا من حيث هو، بل من حيث كلف به فيستلزم(٥) أبدية التكليف به، فإذا انتفت أبدية التكليف به بالنسخ انتفت أبديته(٦).
  أجيب بالمنع(٧)، وإن سلم فغايته الظهور(٨).
  وقوله: «ونسخ ما قيد بالتأبيد» عطف على المضمر المجرور من غير إعادة الخافض كما أشرت إليه(٩).
(١) لأن ثبوت الحكم يقتضي حسنه ونسخه يقتضي قبحه.
(٢) يعني فإنه يكفي اجتماعهما في ذلك البعض ولا يشترط اجتماعهما في جميع الأزمان. سيلان.
(٣) وذلك لأن زمان الفعل المؤبد وإن كان كل أوقات الأبد، لكن يحتمل أن يكون زمان الوجوب المتعلق بالفعل غير زمان الفعل الذي لم يتعلق به الوجوب؛ لأن الوجوب مطلق عن التأبيد، فإذا ثبت الوجوب المتعلق بزمان من أزمان الفعل المؤبد، فهو حسن في ذلك الزمان، وإذا نسخ الفعل المتعلق بسائر أزمان الأبد التي لم يثبت الوجوب فيها، كان الفعل قبيحاً في تلك الأزمان فلم يجتمع الحسن والقبح. سيلان.
(٤) على أن الفعل المؤبد إذا لم يلاحظ معه الحكم الشرعي لا يتصور نسخه فكيف يستلزم نسخ وجوبه نسخه. شرح غاية
(٥) أي: تقييد الفعل يستلزم أبدية التكليف، فإذا انتفى اللازم وهو أبدية التكليف به انتفى الملزوم وهو أبدية الفعل، فيرد حينئذ منع المقدمة القائلة بأن تأبيد محل الحكم وهو الفعل لا يمنع النسخ. سيلان.
(٦) قال في التلويح لا منافاة بين إيجاب فعل مقيد بزمان وأن لا يوجد التكليف في ذلك الزمان كما يقال: صم غداً، ثم ينسخ قبله وذلك كما يكلف بصوم غد ثم يموت قبل غد فلا يوجد التكليف به وتحقيقه أن قوله: صم أبداً يدل على أن صوم كل شهر من شهور رمضان إلى الأبد واجب في الجملة من غير تقييد للوجوب بالاستمرار إلى الأبد.
(٧) أي: منع كون تقييد الفعل من حيث إنه كلف به؛ إذ يصح أن يتصف الفعل بالتأبيد لا من هذه الحيثية نحو: صمت أبداً، ونحو: {خَالِدِينَ فَيها أَبَدًا}. سيلان.
(٨) لا كونه نصاً. أي: كونه ظاهراً في أنه من هذه الحيثية.
(٩) في قوله: «فالمختار عند الجمهور جواز نسخ ما قيد بالتأبيد».