[النسخ إلى غير بدل]
[النسخ إلى غير بدل]
  (و) اختلف في جوازه (إلى غير بدل)، بمعنى هل يجوز النسخ للحكم الشرعي بلا حكم آخر ثان، بأن يدل الدليل على ارتفاع الحكم السابق من غير إثبات حكم آخر شرعي؟ فجوزه الجمهور؛ أما من يقول بمراعات المصالح فلجواز أن تكون المصلحة في انقضاء التعبد بذلك الحكم من دون تبديل له بحكم آخر، والعقل يقضي بأنه لا استحالة في ذلك قضاءً قطعياً.
  وأما من لم يقل بها فجوازه عنده أظهر.
  وأيضاً فإنه قد وقع، ومثل بآية صدقة(١) النجوى المنسوخة بـ {إِذْ لَمْ تَفْعَلُوا} ... الآية، فإنه قال عبدالرزاق: أخبرنا معمر عن أيوب عن مجاهد، قال علي #: ما عمل بها غيري حتى نسخت، وأحسبه قال: وما كان إلا ساعة من نهار.
  وفيه: أن نسخَ الوجوب لا يرفع الجواز ندباً أو إباحة(٢) شرعية.
  وذهب بعض أهل الظاهر وغيرهم إلى منعه، وبنى عليه الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد #؛ لأن الله ø أخبر بقوله: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}[البقرة ١٠٦] أنه لا ينسخ إلا ببدل؛ إذ لا يتصور أن يكون خيراً أو مثلاً إلا فيه، والخلف في خبر الصادق محال.
  وأجيب بأن المراد بالآية اللفظ، فبدلها كذلك، فالمراد: نأت بلفظ خير لا
(١) وذهب بعضهم إلى أن البدل ما في الآية من إقامة الصلاة وما بعدها، ولا يمتنع أن يجب الشيء لنفسه ولغيره لجواز تعليل الحكم بعلتين غائيتين، وبعضهم إلى أنها صريح في النسخ قبل التمكن؛ لأنه قيد الأمر بالمناجاة ثم نسخ قبل الوقت في حق أكثرهم فهو كما قالوا: صم غداً ثم نسخ اليوم. وأجيب بأنه من العموم المراد به الخصوص وقد فعله أمير المؤمنين - كرم الله وجهه - قبل أن ينسخ.
(٢) يقال: الإباحة أصلية.