[نسخ الأشق بالأخف والعكس]
  المشقة الزائدة، وإن تركوا استضروا بالعقوبة، وهو غير لائق بحكمة الشارع.
  قلنا: ذلك لازم لكم في ابتداء الحكم؛ لنقل المكلف من الإباحة الأصلية والإطلاق إلى مشقة التكليف(١)، وأيضاً لا نسلم الأبعدية؛ لجواز أن يعلم الشارع أن الأصلح للمكلف هو النقل إلى الأثقل، كما ينقلهم من الصحة إلى السقم، ومن الشباب إلى الهرم.
  قالوا: قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة ١٨٥]، {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ}(٢) [النساء ٢٨].
  قلنا: اليسر والعسر والتخفيف في الآيتين مطلق لا عام، واللام للجنس لا للاستغراق، ولو سلم فالمراد في الآخرة، كتخفيف الحساب وتكثير الثواب. ولو سلم(٣) فمجاز باعتبار ما يؤول إليه؛ لأن عاقبة التكليف هذان(٤).
  ولو سلم كونه دنيوياً وحقيقة وعاماً فمخصوص بما ذكرناه من النسخ بالأثقل، كتخصيصه بالتكاليفِ الثقيلة الشاقة، وأنواعِ الابتلاء في الأبدان والأموال اتفاقاً.
  قالوا: قال تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}[البقرة ١٠٦]، والخير هو الأخف، والمثل هو المساوي، والأشق ليس شيئاً منهما.
  قلنا: الأشق خير باعتبار الثواب؛ بدليل قوله تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ}[البقرة ٢١٦]، وقوله تعالى: {لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ} الآية [التوبة ١٢٠]، ويقول(٥) الطبيب
(١) وجوابهم جوابنا.
(٢) والنقل إلى الأثقل بخلاف ذلك فلا يريده.
(٣) كون الاستغراق دنيويا.
(٤) اليسر والتخفيف.
(٥) عبارة العضد: وكما يقول الطبيب ... الخ.