شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[ما يحتاج إليه المجتهد]

صفحة 198 - الجزء 2

  وأما أصول الدين فقيل: ليس بشرط، والأولى اشتراط معرفة الله ورسوله ÷؛ ليتم له نسبة الأحكام إلى الله ورسوله وإن لم يتبحر في أدلته.

  (و) ثالثها: معرفة ما يتعلق بالأحكام من (الكتاب) العزيز لغة وشريعة، أما لغة فبأن يعرف معاني المفردات والمركبات وخواصها في الإفادة؛ فلذا افتقر إلى العربية تعلماً أو سليقة كما سبق.

  وأما شريعة فبأن⁣(⁣١) يعرف المعاني المؤثرة في الأحكام، مثلاً يعرف في قوله تعالى: {أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ}⁣[النساء ٤٣] أن المراد بالغائط الحدث، وأن علةَ الحكم خروجُ النجاسة عن بدن الإنسان.

  وبأقسامه من الخاص والعام والمشترك والمجمل والمبين وغير ذلك، فلذا احتيج إلى أصول الفقه كما سبق، ولا خفاء في أن هذا مغاير لمعرفة المعاني.

  (و) رابعها: معرفة ما يتعلق بها من (السنة) النبوية - على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وعلى آله الطاهرين الكرام - كذلك⁣(⁣٢)، وسندها، وهو طريق وصولها إلينا من تواتر وآحاد، ويتضمن معرفة حال الرواة، والجرح والتعديل، والصحة والسقم، وغيرها. وطريقه في زماننا الاكتفاء بتعديل الأئمة الموثوق بهم؛ لتعذر معرفة أحوال الرواة على حقيقتها في وقتنا، فيكفيه كتاب مصحح جامع لأكثر ما ورد في الأحكام في ظنه⁣(⁣٣)، ويعرف موضع كل باب بحيث يتمكن من الرجوع إليها، ككتاب الشفاء وأصول الأحكام من كتبنا، وسنن أبي داود من كتب الفقهاء.

  وقد قيل: إن عدد الأحاديث التي يحتاج إليها ألف ألف حديث، وقيل: ستمائة ألف حديث، وروي في حاشية الفصول عن الإمام يحيى # أنه يكفي كتاب شرح النكت.


(١) عبارة ح غ: وشريعة، أي: مناطات الأحكام وأقسامها من أن هذا خاص ... الخ.

(٢) أي: لغة وشرعاً.

(٣) إنما قيد بظنه لأن الكثرة أمر نسبي لا يعرف إلا بمعرفة الجميع تأمل.