شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الرخصة]

صفحة 49 - الجزء 1

  فإن قيل: قد تقدم أن الزكاة لا وقت لها، وأنها من الواجب المطلق.

  أجيب: بأن إطلاق التأقيت عليها تَجَوُّزٌ؛ بقرينة أنهم لا يسمون ما أدي بعد الحول والحصاد قضاءً، والله أعلم.

  واعلم أن من العبادات ما يوصف بالأداء والقضاء والإعادة، كالصلوات الخمس، وما يوصف بالأداء والقضاء، كصوم شهرِ رمضان والنذرِ المعين، وما يوصف بالأداء فقط، كالحج⁣(⁣١)، وما يوصف بالأداء مرتين، كصلاة المتيمم لعدم الماء ثم وجده وفي الوقت بقية تسعها أو ركعة منها، وما يوصف بالقضاء فقط، كصوم الحائض، وما يجب قضاؤه ولو أدي، كفاسد الحج، وإن كان إطلاق القضاء عليه تجوزاً من حيث المشابهة للمقضي في الاستدراك. وذكر بعض الشراح أن من أوصى فحجج عنه وصيه بعد الموت أنه يكون قضاءً؛ لأنه بعد وقته. وهو قوي. وما لا يوصف بشيء، كالواجبات والنوافل المطلقة. فعلم أن حصر بعض العلماء للعبادات في الثلاثة ليس بصحيح⁣(⁣٢)، والله أعلم.

[الرخصة]

  (والرخصة) لغة: التسهيل والتيسير. قال الجوهري: الرخصة في الأمر: خلاف التشديد فيه، ومن ذلك: رخص السعر، إذا تيسر وسهل.

  واصطلاحا: (ما شرع) أي: فِعْلٌ أو تَرْكٌ شرعه الله للمكلف، إشارة إلى أن الترخيص لا بد له من دليل وإلا لم يكن مشروعا، بل المشروع غيره، وهو ما دل


(١) وأما تمثيل ما يوصف بالأداء فقط بالجمعة ففيه أنه يمكن أن تفسد ووقتها باق فتعاد، فتوصف بالإعادة ... إلخ، وقد أطلق أهل الفروع القضاء والإعادة على الحج في قولهم: وقضاء زوجه ... إلخ، ويعيده من ارتد فأسلم ... إلخ والله أعلم. وكذا تمثيل ما يوصف بالأداء دون القضاء بصلاة العيد والجمعة غير مستقيم أيضا في العيد، إذ تقضى في ثانيه فقط إن تركت للبس فقط.

(٢) كذا ذكره في الهداية. قلت: وفي التنظير نظر، فإن حصره للعبادة في الثلاثة صحيح؛ لأن المراد أن العبادة تتصف بالثلاثة وإن كان بعضها لا يتصف إلا بالأداء، وبعضها بالقضاء فقط، وبعضها بالأداء مرتين، وبعضها بها أجمع، فتأمل والله أعلم. منه، والحمد لله.